الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إعلام «العيان والميت» فى قناة الجزيرة!

لم يستوعب الإعلام (التركى- القطرى) الدرس إلى الآن.. إذ لايزال مُصرًا على إنتاج الأكاذيب كما كان الحال قبل 2011.. قضايا وهمية ومعالجة مبالغ فيها.. وتلك هى المعادلة التى تجاوزها الزمن ووعاها الجمهور.



بالمنطق  نفسه، يعتمد إعلام الإخوان الأجير من الطرفين على «حجر الأخبار الكاذبة»، واهمين فى جعل الكذب مادة للإثارة.. تحرك الجماهير وتشعل الشوارع.

 

من الإعلام إلى السينما

 

بعد عجز القنوات والأذرع الإعلامية للإخوان فى تحقيق أهدافها أو لنقل بشكل أدق أوهامها، تم تغيير الدفة إلى السينما والأفلام الوثائقية.. فالنجاح لديهم هو الانتقال من فشل إلى فشل. لم ينجح الصوت العالى والصخب فى قنوات مكملين والشرق فى استقطاب الجمهور، وتآكلت شريحة المتابعين لقناة الجزيرة القطرية، بعد أن أزاحت عن وجهها ستار المهنية المزعومة.. أما قناة العربى التى يرأسها عزمى بشار، مستشار السياسة القطرية، فظلت غارقة فى برامجها النخبوية غير قادرة على الوصول للطبقات التى تستهدفها أفكار الإخوان، لذلك لم تجد ماكينة الكذب الإعلامية مفرًا من البحث عن حل بديل أو «بسبوسة بالقشطة». بالفعل.. كان إنتاج فيلم «بسبوسة بالقشطة» هو الحل البديل عن ضخ الأموال من دون جدوى، إذ تجاوز الإنفاق على القنوات الإرهابية الـ 6 مليارات جنيه منذ يناير 2011 حتى الآن، ولم تحقق نتيجة مرضية بالنسبة لهم. برعاية تركية فى توفير أماكن التصوير، وبإنتاج مشترك بين قناة «مكملين» وشركة A to Z خرج الفيلم لتحتفى به الشاشات الممولة، لملء الفراغ الإعلامى لديها.. فبالطبع لا نتوقع مثلًا أن تنشر قناة الشرق.. أو الجزيرة إنجازات الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة، فالهدف واضح منذ اللحظة الأولى للبث «إشاعة الخراب والفوضى».

 

ما علاقة الفيلم بالـ«بتنجان»؟!

 

تولى إخراج الفيلم مهندس أفلام الجزيرة الوثائقية لتشويه الدول العربية «عبادة البغدادى»، واعتمد الفيلم فى أدواره الرئيسية على الممثلين الهاربين إلى تركيا هشام عبدالحميد، فى دور الطبيب السجين، ومحمد شومان، أمين الشرطة الذى يتعاطف معه الطبيب بعد تلفيق التهم له.. ممثلون فشلة يؤدون قصة مستهلكة! ولم تخل لقاءات الجزيرة مع طاقم الفيلم من المفارقات المضحكة التى تفضح اللعبة؛ إذ بدأ فريق العمل كل لقاءاته بجملة «الفيلم ليس تحريضيًا ولكنه يخدم الإنسانية»، لكن غباء «شومان» دفعه إلى التجويد أكثر فقال ردًا على سؤال المذيع عن كواليس تنفيذ الدور «خفت فى الأول إنى أعمل الدور لأنه مستهلك فى السينما.. لكن قلت بسم الله وأقنعت نفسى إنى أقدر أعمل أى بتنجان»!. بينما بدأ المخرج حديثه مدافعًا عن الحرية وعن معاناة السجين، وفى حديثه عن صعوبة تصوير مشاهد واقعية للسجون المصرية فى تركيا قال: «الموضوع كان صعبا لأن السجون التركية 5 نجوم»!.. ليناقض نفسه بعد دقيقة واحدة قائلًا: «بحثنا حتى وجدنا زنزانة تركية مشابهة للأوضاع فى السجون المصرية».. لتقع فى حيرة من أمرك عن طبيعة السجون الـ 5 نجوم؟.. وبما أن البحث قاد المخرج إلى سجون تركية أشبه بالمصرية على حد قوله فلماذا لم يكن موضوعه عن المعاناة فى السجون التركية أيضًا؟.. ازدحام الأسئلة فى رأسك يرجعك سريعًا لإجابة شومان و«البتنجان»! ربما يحتاج مخرج الفيلم لمراجعة نفسه كثيرًا لاعتماده على ذلك العدد القليل من الممثلين فقط.. إذ كان بإمكانه استغلال جميع الطاقات الإخوانية وتوظيفها فى العمل، فعلى سبيل المثال كيف يغيب «معتز مطر» بأدائه المبالغ فيه ومقدماته النارية.. وأين «هشام عبدالله» ودموعه المصطنعة فى دور ليستعطف الجماهير.. وغياب الكوميديا فى الفيلم كان يحتاج ظهورًا خاصًا لـ«حمزة زوبع» و«محمد ناصر»!

 

أكاذيب الجزيرة

 

تلقفت قناة الجزيرة إطلاق الفيلم وكأنه حدث حصرى، وكأنه واقعة فساد حقيقية، ونشرت تقارير خبرية بشكل يومى لتشويه الشرطة المصرية، بنفس المنطق القديم المستخدم لإسقاط مؤسسات الدولة وتهديد الأمن الداخلى. وقبل ظهورالإعلان الرسمى للفيلم سخّرت قناة الجزيرة كل برامجها للإعلان عنه باعتباره أضخم إنتاج سينمائى يناقش أزمات المعتقلين فى السجون المصرية، ولم تخل جميع البرامج فى بثها المرئى من عرض لأفيش الفيلم تحت عنوان «أول فيلم مصرى يسلط الضوء على معاناة السجناء»! فالقناة التى ظلت أكثر من 20 عامًا تخدم أجندة الإخوان وتمهد الطريق أمامهم للحكم تعانى الآن من أزمة تمويل، حيث يبحث الممول القطرى عن بديل أكثر جدوى وأقل تكلفة.. لذلك لا تتعجب عندما يصفون الفيلم بأنه «مصرى» مثلًا أو أنه «أول فيلم» يناقش معاناة السجناء، فجميعها كلمات تستهدف إثبات الكفاءة للممول القطرى حتى لا يغلق مضخة الأموال. طريقة المذيع فى حديثه عن الفيلم بكل مبالغة، ترجعك لهتافه فرحًا «الله أكبر» على الشاشة نفسها، أثناء البث المباشر لتفجيرات العريش التى نفذها «أنصار بيت المقدس» ضد الجيش عقب ثورة 30 يونيو.

 

صناعة الوهم

 

المفاجأة.. أن تصوير ذلك الفيلم لم يكن يحتاج إلى كل هذه الخيانة والوجوه القبيحة، حيث تم عرض فيلم «هى فوضى 2007» فى السينمات والقنوات المصرية، وهو بالمناسبة يناقش القضية نفسها، وقبله كان فيلم «زوجة رجل مهم 1988». ومنذ 4 سنوات عُرض فيلم «اشتباك» وتصويره بالكامل داخل سيارة ترحيلات.. ليكون السؤال: هل يستطيع «بسبوسة بالقشطة» منافسة تلك الأفلام سواء على المستوى الفنى أو حتى شجاعة الطرح؟.. ذلك بالإضافة لأن المكتبة المصرية مليئة بعناوين الكتب فى أدب السجون، نشرت ووزعت داخل مصر.

 

الأمن الداخلى

 

تقدُّم الدولة فى السنوات الأخيرة لم يأت من الفراغ، إذ تطلب ذلك جهدًا مضاعفًا من جميع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة الداخلية «المؤسسة المدنية المختصة بحماية الجبهة الداخلية»، وفى الوقت الذى انشغلت فيه الجزيرة القطرية بالمهنية المزعومة، كان رجال وزارة الداخلية يطبقون القانون على الكبير قبل الصغير.

ولا تدخر وزارة الداخلية جهدًا فى محاسبة المخطئين من رجال الشرطة.. وبرصد جميع الوقائع التى خالف فيها أحد الضباط القانون يتم تحويله فورًا للتحقيق ومحاكمته بشكل واضح.. يمكننا مثلًا أن نتذكر محاكمة ضابط الشرطة الذى تعدى على صاحب مقهى أثناء تنفيذ قرار إزالة فى منطقة أرض اللواء.. أو محاكمة آخر بسبب تعذيبه مواطنًا أثناء التحقيق معه قبل شهور.. وفى أكتوبر الماضى أحيل ضابط و9 أمناء شرطة للتحقيق لاتهامهم بتعذيب أحد المواطنين.. وغيرها الكثير من الوقائع المثبتة والرسمية، لكن قنوات الإخوان لا تقدر على بثها حتى لا ينقطع التمويل.

 عندما يتم تسخير كل هذه الأبواق الإعلامية وكومبارسات الإخوان لاستهداف الدولة.. لا يمكننا أن نعتبر ذلك مجرد اختلاف فى الرأى.. أو وجهات النظر.. بل هى مواجهة حقيقية بين الوعى والزيف.. بين الدولة والإرهاب.