الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أسواق الموت!

منذ الأيام الأولى للإعلان عن كارثة فيروس «كورونا» الذى ضرب الصين وانتشر منها إلى عدد من دول العالم، أشارت أصابع الاتهام إلى سوق هوانان للمأكولات البحرية فى مدينة ووهان باعتبارها المصدر الرئيس لانتشار الفيروس فى العالم؛ لاحتضانها عمليات بيع الخفافيش والكلاب والكوالا والتماسيح والثعابين؛ حيث يرجع العلماء أن الفيروس نشأ فى هذه الحيوانات والزواحف ومنها انتقل إلى الإنسان.



السوق التى  تُعد مستنقع الأوبئة والأمراض المميتة فى العالم، لم تكن السوق الوحيدة سيئة السمعة حول العالم؛ حيث تنتشر أسواق الموت فى عدد كبير من بلدان آسيا فى كوريا الجنوبية والفلبين وإندونيسيا وتايلاند ولاوس وفيتنام وكمبوديا ومنطقة ناجالاند فى الهند وبعض دول أوروبا وإفريقيا.

سوق الكلاب

تُعد سوق توموهون اكستريم فى إندونيسيا أكبر سوق لحم سيئ السمعة فى شمال إندونيسيا؛ حيث تُعرف السوق التى تقع فى جزيرة سولاويزى بأنها موطن داء الكلب وأمراض أخرى تهدد البشرية وتنتقل من الحيوان للإنسان، فالسوق متخصصة فى بيع القطط والكلاب والقرود والخفافيش وغيرها من الحيوانات البرّية للعملاء المميزين والسياح. يحصل البائعون على الحيوانات من الصيادين المنتشرين فى جميع أنحاء الأرخبيل الإندونيسى، ويقومون باصطياد الكلاب والقطط الضالة بالهراوات الخشبية والأقواس ويضعونها فى أقفاص صغيرة للغاية ويبيعونها للتجار، ويعرض بعضهم الحيوانات حية تنزف الدماء، والبعض الآخر يقوم بقتلها بالضرب حتى الموت أو عن طريق الحرق المباشر للتخلص من الفراء. يفحص المتسوقون الحيوانات التى يرغبون فى شرائها بشكل جيد، ويفضل المشترون الحيوانات الحية التى تقطع أمامهم.. الغريب فى الأمر أن السوق تعرض بعض الحيوانات المهددة بالانقراض كأنواع معينة من القردة والثعابين والسحالى الملونة دون أى تحرُّك من السُّلطات المحلية، رُغم أن إندونيسيا العام الماضى وافقت على إصدار لائحة تحظر تجارة لحوم الكلاب والحيوانات الغريبة، لكنها لم تعط أى إطار زمنى لدخول القانون حيز التنفيذ؛ حيث لاتزال الأسواق فى العديد من المناطق مثل جاوة الوسطى ويوجياكارتا وبالى وشمال سومطرة وشمال سولاويزى تبيع لحوم الكلاب والحيوانات البرّية فى أكشاك بيع الأغذية وتعرضها المطاعم ضمن أشهَى أطباقها.

الكلاب المسروقة

أمّا سوق «هو تشى مينه» فى فيتنام فتعتبر أكبر سوق للحوم الكلاب مصادرها غير معروفة، فغالبًا ما يحصل أصحاب المحال على الكلاب من النشالين الذين يسرقون الكلاب من محبى الحيوانات الأليفة ويتم بيعها لتجار السوق وأصحاب المطاعم، وتوجد بالسوق عدة أنواع مختلفة من الكلاب بأسعار تتراوح بين 40000 و100000 دونج فيتنامى (2-5 دولارات) للكيلو، ويتم عرض اللحوم على طاولة قديمة دون تغطيتها من الذباب وبشكل عشوائى. وتعتبر السوق مستنقعًا لمرض داء الكلب الذى تسبب فى وفاة العشرات بالمرض وفقًا لوسائل الإعلام الفيتنامية؛ حيث تمت مداهمة السوق أكثر من مرّة وتغريم العديد من البائعين ومصادرة كميات كبيرة من لحوم الكلاب النيئة المصابة، وإلى جانب السوق يوجد عدد من الأكشاك والمحال المتفرقة فى أماكن مختلفة لبيع لحوم الكلاب؛ حيث يعد هذا الأمر شائعًا فى هانوى، وتشير التقديرات إلى أن العاصمة مَوطن لنحو 500 ألف من الكلاب والقطط، وهناك أكثر من 1000 مطعم ومتجر تبيع لحومها؛ حيث يتم استهلاك بنحو 5 ملايين كلب كل عام فى فيتنام.

سوق القرود والفئران

تقع سوق جولين فى مقاطعة Guangxi بالصين، وهى سوق مركزية تباع فيها الخضروات الطازجة من المزارع المحيطة والأسماك والنباتات من نهر لى واللحوم المحلية، ويوجد بالسوق رواق كبير مفتوح لبيع الحيوانات الحية كالكلاب والقرود والخفافيش والفئران والقطط الحية والمجففة وبعض الحشرات كالصراصير والخنافس وأنواع مختلفة من النمل والزواحف الغريبة. يُعد الرواق معرضًا للرعب الحقيقى؛ حيث توجد فى الجزء الخلفى من المبنى غرفة مفتوحة تُقتل فيها الكلاب والقطط الحية والحيوانات البرّية التى يتم شراؤها وتنظيفها، ورُغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة؛  فإن أسواق الصين مسئولة عن غالبية حالات ذبح القطط والكلاب والحيوانات البرّية بطريقة بشعة فى العالم. وتشير التقديرات إلى أن نحو 4 ملايين قط و10 ملايين كلب يتم ذبحها فى الصين بخلاف الحيوانات الأخرى الممنوع تداولها. وفى الصين تقيم مدينة  يولين  مهرجان لحوم الكلاب السنوى احتفالًا بالانقلاب الصيفى ويستمر المهرجان لمدة عشرة أيام، خلالها يتم استهلاك  نحو 10 آلاف إلى 40 ألف كلب، ويتم عرض الكلاب فى صناديق خشبية وأقفاص معدنية واصطحابها للجلد وطهيها للاستهلاك من قبل زوار المهرجان والمقيمين المحليين. تعود عادة  أكل لحوم الحيوانات البرّية والكلاب والقطط فى الصين إلى بداية زمن المجاعات؛ حيث تحملت الصين العديد من المجاعات طوال تاريخها، وتُعد هذه الممارسة من بقايا الأوقات الأكثر صعوبة وأيضًا يلجأ إليها البعض لسوء الأحوال الاقتصادية، فالمواطن الصينى العادى يعيش على أقل من 3000 دولار أمريكى سنويّا.

كوريا الجنوبية

فى كوريا الجنوبية يوجد أكثر من سوق للحيونات البرّية الممنوعة، وتُعتبر سوق سيونجنام المتخصصة فى بيع لحوم الكلاب الأليفة بطريقة غير مشروعة أشهَرها؛ حيث يتم بيع الكلاب من جميع السلالات اللابرادور ولمستردون والكويكر ويتم ذبح غالبية الكلاب بالكهرباء داخل السوق والبعض يتم تعليقه أو ضربه على رأسه، ورُغم أن هذه الممارسات غير قانونية بموجب قانون حماية الحيوان لعام 2007؛ فإنه يوجد فى كوريا الجنوبية نحو 17000 مزرعة للكلاب يتم إعدادها بشكل روتينى للاستهلاك البشرى.

أسواق إفريقيا

وفى إفريقيا، تُعد سوق مالابو للحيونات البرّية أشهَر الأسواق فى عاصمة مالابو بجزيرة بيوكو التى تقع فى الجزء الشمالى الأقصى من غينيا الاستوائية، وهى سوق متخصصة فى بيع حيوانات الأدغال ولحوم الحيوانات البرّية المحلية من الفئران العملاقة والثعابين والأفاعى والقرود والظباء والبنغولين- حيوان بحجم القطط مغطى بمقاييس تشبه السطح الخارجى للخرشوف. وحذّر الأطباء من انتشار هذه الأسواق فى إفريقيا خوفًا من انتشار الأوبئة القائلة التى تهدد حياة البشر؛ خصوصًا فى المناطق التى تباع فيها اللحوم البرّية التى تُعرف باسم لحوم الطرائد، بعد أن تسببت لحوم القردة فى مقتل 25 شخصًا فى الكاميرون. ويؤكد العلماء أن ثلاثة أرباع الفيروسات البشرية الجديدة تأتى من الحيوانات، محذرين من تعرُّض البشر لموجات جديدة من الفيروسات والأوبئة بسبب لحوم الحيوانات، بعد أن كشفت الدراسات أن مرض «الإيدز» فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) نشأ فى الشمبانزى، فضلًا على احتضان القردة للعديد من الفيروسات القاتلة كالإيبولا والجمرة الخبيثة والحمَّى الصفراء وغيرها.

مزارع الخنازير

 

وكانت مزارع الخنازير فى آسيا الموطن الأساسى لانتشار وباء حُمى الخنازير التى قضت على نحو ربع خنازير العالم، وتُعتبر الصين التى تنتج نحو نصف الخنازير فى العالم وتستهلك نصف لحم الخنزير فى العالم مصدر الوباء الذى وصل إلى كوريا الشمالية بعد تفشيه فى الصين وفيتنام ومنغوليا ومخاوف من احتمال عبور الحيوانات المصابة بالمرض عبر الحدود. 