الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اللى أوله «معايير» آخره استقرار!

بات اختيار شريك الحياة أمرًا يحتاج إلى كثير من الحسابات.. وأصبح الوصول إلى قرار صائب بعيدًا عن التسرُّع فى هذه المسألة الفارقة فى مستقبل كل شخص أمرًا يخضع لكثير من التعقيدات؛ لا سيما وأن الأسباب التى من الممكن أن تتسبب فى إنهاء علاقات عاطفية قبل بدايتها، أو على حافتها، أصبح بعضها غير منطقى مع وضع معايير قياسية لزوج وزوجة المستقبل.



غمازات مصطنعة يضع الرجال بعض المعايير القياسية لاختيار شريكة الحياة، ومن أهم المعايير هى الجمال المناسب، رغم أن علامات الجمال فى جسم المرأة تختلف بحسب المجتمعات والأفراد، فمع تعدُّد المعتقدات، تختلف الأذواق والآراء، فى الآونة الأخيرة، توصّل الباحثون فى جامعة إنتيرب فى بلجيكا إلى أنّ 11 ميزة فى جسم المرأة قادرة أن تمنحها جرعة زائدة من الجمال والجاذبيّة، بعض هذه السمات قد تعتبرها بعض النساء عيوبًا فتهرع لإيجاد الحلول للتخلُّص منها، بينما وجودها يُعتبر من بين أبرز علامات الجمال، رغم التأكيد على مر العصور أن ما من أحد يستطيع أن يضع معايير الجمال وأن يحدِّدها، فجمال المرأة لا يقتصر على بعض العلامات الممنوحة من قِبل الأفراد، بل تختلف مع الأذواق والعصور. تروى «منى» - بالعقد الثالث من العمر - روايتها ومعايير الجمال، فلم تتمكن من جذب رفيقها بالجامعة إلا حين حاولت «حفر» غمازات الوجه على مدار شهور، فنصحتها صديقة لها أنه لا بد من تغير بوجهها لتحصل على حبه، وتتمكن من الزواج منه، مؤكدة لها أن الاستمرار فى الضغط على مكان معين فى «الخدين» سيؤدى إلى «موت» خلايا هذه المنطقة وتتحول لغمازة وجه. حاولت الفتاة تنفيذ الخطوات حتى تمكنت من إبراز شيء طفيف من تلك الغمازة، لكن المفاجأة أنها لم تحصل عليه حتى بعد ما فعلته، وتزوج من أخرى، وتزوجها شخص آخر لم ينظر إلى وجهها بقدر ما نظر إلى عفويتها وطبيعتها، حتى إنه لم يلتفت لغمازة الوجه المصطنعة. أما عن هناء - الطالبة بكلية الحقوق جامعة عين شمس - فكانت على علاقة جيدة مع زميل لها يفوقها بعام دراسى واحد بالكلية نفسها، وعرف الجميع أن الثنائى سيتمم خطبته عقب التخرج مباشرة، لكن شروط «الشاب» كانت مضحكة وصادمة فى الوقت ذاته بالنسبة للفتاة والزملاء كافة، فعقب قصة حب دامت قرابة السنوات الثلاث، اشترط الشاب على زميلته «حرق دهون جسدها» لأن والدته لن تقبل بزوجة مرتفعة الوزن، فمن معايير جمال المرأة أن تكون بحجم ووزن صغير وقوام ممشوق، وهو ما رفضته الفتاة، وقررت ألا تغير من ذاتها من أجله لأنه لم يحبها لذاتها؛ بل لجسدها، ومن المفترض أن تكوين أسرة سوية وسعيدة، لا يكون بالشكل والجسد. زوج مثالى فى الآونة الأخيرة، وضعت الفتيات مواصفات يجب ألا يتخلف عنها شريك المستقبل من حيث الشكل والمظهر والوظيفة التى تضمن لها حياة حلمت بها. أحمد - طالب بكلية العلوم جامعة عين شمس فى فرقته الأخيرة - حين تقدم لخطبة زميلته من الفرقة نفسها، حاولت الفتاة تعديل شريكها بالشكل الذى رغبت فيه، متأثرة بأبطال الأفلام والمسلسلات، فطالبته فى البداية بـ«تطويل الذقن» ثم الاهتمام برشاقة جسده، واستجاب، وفى النهاية رفضت الزواج لعدم قدرته على جلب «الشبكة» بالسعر الذى حددته بناءً على ما رأت فى صديقاتها من حولها. ومؤخرًا، أحدثت بعض الفنانات الشابات جدلًا بين الشباب، بسبب معاييرهن من أجل الزواج، مثل الفنانة الشابة ياسمين صبرى، التى ظهرت فى ضيافة الفنانة إسعاد يونس ببرنامجها «صاحبة السعادة» وتحدثت خلال اللقاء عن مواصفات فتى أحلامها، لتصبح خلال دقائق «ترند» الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى. وهنا قالت «ياسمين» إنها تفضل الارتباط برجل «طويل ومن غير شنب ومن غير كرش ورياضى أسمر أو قمحى اللون وعينه سوداء وشعره ناعم، وله لحية خفيفة»، وأضافت«يجب أن يكون «هادئ» و«راسى» و«متفتح لكل حاجة مختلفة» ورومانسى ويجب أن يكون «حساس». ومن هنا بدأ الشباب تداول المواصفات، ليفاضلوا بين طلبات الفنانة وبين ما يتوافر لديهم بالفعل من هذه الطلبات، وبين السخرية والجدية، حاول الشباب الوصول للمواصفات القياسية للشاب من وجهة نظر ياسمين صبرى؛ حيث إنها نموذج الفتاة الأكثر جمالًا فى نظر الشباب اليوم. كما كانت الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى سببًا قويًا يدفع الفتيات لتقليد الصورة المثالية للفتيات العارضات على الأغلفة، ليتمكنّ من الزواج من فارس الأحلام المنشود لهن،ربما تشاهد إعلانًا فى موقع إلكترونى، أو مسلسلًا على التليفزيون، فتجذبهن جاذبية أجسام العارضات، وتحاول التقليد أمام المرآة، ليخضع البعض كذلك إلى عملية جراحية.وهو ما فعلته «أم عمر» السيدة بعقدها الرابع، فجار الزمن عليها من وجهة نظر زوجها وبدأ فى انتقادها، البداية كانت مع لون بشرتها القمحية، فطلب منها إحضار مستحضرات التجميل التى تجعل شكلها يميل للأبيض رغم أن الجميع حولها أكد أن المستحضرات لن تغير لونها، لكنها حاولت قدر المستطاع، حتى دبلت بشرتها وباتت أكبر من عمرها عقودًا. فى مرحلة أخرى، طلب منها محاولة فقد الوزن، مثل ممثلة بعينها فى مسلسل عُرض فى شهر رمضان المبارك، وحين وبّخته على ما حدث لوجهها، هددها بالانفصال؛ لأنها لا تشبه الجميلات فى شيء واحد، ووهبت حياتها للمنزل والأطفال فقط، إضافة لعدم توافر معيار واحد يشير إلى كونها سيدة جميلة وقوية يتباهى بها مثلما كان يريد. المعايير ضرورية فى هذا الإطار، أوضح الدكتور وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع، أن معايير اختيار الزوج والزوجة ضرورية بالبداية فى حالات كثيرة، حيث إن الفروق الثقافية والفكرية بين الزوجين وغياب معيار التكافؤ بين الزوجين، يؤدى إلى خلق فجوة فكرية بين الطرفين، لذلك لا بد من وضع معيار اختيار الشريك فى تلك النقطة لمنع حدوث انفصال سريع عقب الزواج، مؤكدًا أنه وفقًا لنشرة الزواج والطلاق التى يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أثبتت أن عدد حالات الطلاق وصل إلى 198 ألف حالة خلال عام واحد، وكانت 47 % من الحالات طلاقًا مبكرًا. وأشار إلى أنه يجب أن تكون معايير اختيار الزوج أو الزوجة واضحة من البداية لكلا الطرفين، وسن القوانين والتشريعات التى تحافظ على تماسك وكيان الأسرة المصرية. فى السياق نفسه، قالت الدكتور هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن سوء معايير اختيار الزواج أحد الأسباب المهمة لفشل العلاقات الأسرية. موضحة أن المفاهيم والعادات الاجتماعية هى العدسة التى نرى بها الأشياء فى اختيار شريك الحياة، لذلك دائمًا تنصح الفتيات بمفاهيم الزواج الصحيحة ليعشن حياة سعيدة ومد المجتمع بأطفال أصحاء. لافتة إلى أن الزواج مؤخرًا أصبح مشروعًا تجاريًا. من جانبه، أكد الدكتور أحمد حامد أستاذ علم الاجتماع، أن أسباب وضع معايير للزواج بين الشباب يرجع إلى الضغوط الاجتماعية من أفراد المجتمع، للارتباط بأشخاص مشابهين لهم ولأسرهم. وتابع:«ينشأ الضغط الأكبر عند المجموعات التى ترغب فى الحفاظ على ثقافتها أو خلفيتها أو هويتها العرقية، ويشعرون كما لو أن الزيجات بين المجموعات العرقية المختلفة ستؤدى إلى تغيير موروثهم الثقافى أو الضياع فى دروب الماضى، فيسعون إلى الحفاظ على ثقافتهم المميزة الخاصة والاعتزاز بها». وأشار إلى أن ضمن الأسباب التى وضع الشباب المعايير على أساسها، ترجع للمسلسلات التركية والأفلام الهندية التى جعلت الفتيات يرسمن صورة مثالية لأزوجهن، وتترفع عن قبول شاب أقل مواصفات من حلمها، وكذلك متابعة الشباب للمسلسلات العربية والأجنبية، جعلتهم يرون أن فتيات جيلهم وبلدهم أقل جمالًا وثقافة من شخصية الممثلات اللاتى اعتادوا رؤيتهن، فلا يقبل بفتاة أقل منهن، مؤكدًا أن الاختيار على هذا الأساس لا يجعل العلاقة قوية فيما بعد، فتتلاشى الجماليات عقب الزواج وتبقى الروح فقط، إما أن تستكمل معها، أو تُرهق ويحدث الانفصال.