عن موضوع الفول والكشرى!!
حاجة غريبة يا أخى.. ولا تعرف لماذا يعسكر الموظفون من محدودى الدخل فى مطاعم الفول والكشرى ويقاطعون محلات الكباب والكفتة.. والخيبة أن هناك من يهوى العكننة على الموظفين فيطلق التشنيعة البايخة.. بأن الحكومة وقد لاحظت الإقبال على الفول والفلافل... فإنها سوف تفرض ضريبة إضافية على استهلاك ساندوتشات الفول والطرشى مع المخلل!!
الفول هو الضيف الدائم على موائد الفقراء... وهو الممثل الشرعى والوحيد للعائلة البروتينية فى بيوتهم.. صحيح أنه لا يشبه اللحمة لكنه ابن عمها والحاضر يسد.. وإذا كانت مصر هبة النيل فالمصريون هبة الفول بدون عقد أو حساسيات.. والكشرى وجبة غذائية متكاملة.. تضم البروتين والنشويات والمعادن والطعم اللذيذ.. ثم إنه رخيص فوق المعتاد... رغم محاولات أبوطارق لتحويله إلى أكلة سياحية!!
ولا تنس أبدا.. أنه لولا الفول والكشرى لسقط ضحايا وظهرت أمراض الأنيميا وفقر الدم... ولولا الفول لانكشفت العائلات المستورة.
يقولون من باب التندر أنك لا تستطيع بمجرد النظر أن تحدد ما إذا كان الشخص ينتمى إلى الفقراء أو الأغنياء.. بفضل الموضة الموحدة.. وميل الاثنين إلى ارتداء ملابس الكاجوال التى لا تنبئ عن هوية صاحبها.. ويقولون إنك تستطيع أن تحدد هوية الشخص من انتمائه الفولى... والفقراء يحترفون التعامل مع الفول.. فى حين يتعامل الأغنياء معه من باب الهواية والعلم بالشىء!
نحن مجتمعان إذًن ولسنا مجتمعًا واحدًا.. رغم التشابه فى الملامح والتفاصيل.. ولن يجتمع الشتيتين سوى بتقريب الفوارق التى لن تحدث سوى بتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور والمرتبات.. وفى أوروبا وأمريكا والدول المتقدمة.. فإن الحد الأقصى لا يزيد أبدا على سبعة أضعاف الحد الأدنى وما يزيد على ذلك يخضع للضريبة التصاعدية القاسية وأن تكسب كثيرا.. لا مانع بشرط أن تخضع للضرائب الكثيرة أيضا.
فى أمريكا شخصيا فإن سلاح الضريبة التصاعدية يلعب دورًا مُهّما فى تقريب الفوارق بين الطبقات وفى تحقيق العدالة الاجتماعية فى الأجور والدخول.. وهناك أنت تكسب كثيرا.. لكنك تدفع الضريبة التى تصل إلى تسعين فى المائة مما تكسب.. وهناك لا يعرفون الضريبة الموحدة التى تعرفها دول أخرى وتساوى بين الغنى والفقير.. الحال هناك يختلف وسعادتك تكسب مليون دولار... لكنك سوف تدفع ثلاثة أرباع المليون كضريبة.. ولو كسبت مائة مليون فسوف تدفع تسعين مليونا حتى يحققوا العدالة الاجتماعية بحق وحقيقى!!
منذ سنوات..! انتبه عالم جليل هو عبدالصبور مرزوق فأصدر فتوى واضحة صريحة.. بأن الموظف الشريف وحتى درجة وكيل وزارة.. والذى لا يمد يده ولا يفتح درج مكتبه ولا يتربح من وظيفته... هو موظف كادح ويستحق الزكاة.. والغريب يا أخى أن المؤسسة الدينية تجاهلت الفتوى.. مع أننا أحوج ما نكون لتطبيقها إذا كنا نسعى حقا لتجديد الخطاب الدينى بالفعل لا بالمحسنات البديعية.
بلاش.. وهل رأيت يوما صحفيًا شريفًا يمتلك عمارة سكنية... أو رصيدًا محترمًا فى البنك؟!.. وهل سمعت عن موظف لا ينتهى راتبه فى اليوم العاشر من الشهر.. فى حين يمتلك العمارات والفيلات بحمام السباحة الراقصون والراقصات والسماسرة ومحترفو الثلاث ورقات والمحظوظون الذين لا يخضعون للحد الأقصى للأجور الذين يقاومون تطبيق الحد الأدنى.. مع هذا تطنش الحكومة وتغيب ضرائبها التصاعدية المشغولة بساندوتش الفول والفلافل وتفكر فى فرض ضريبة تصاعدية لمن يأكل ساندوتش زيادة عن المقرر!
طيب بذمتك.. عمرك شفت رقاصة واقفة فى طابور أنابيب البوتاجاز أو محشورة فى مطعم للفول والفلافل.. والإجابة بالنفى طبعا.. لأن الراقصات من أصحاب الدخول التى يشار لهم بالدولار.. ويقاومون تطبيق الحد الأدنى!!>
