الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وكيل الوزارة هو الحل..!

وكيل الوزارة هو الحل..!
وكيل الوزارة هو الحل..!


فى بلاد الخواجات.. يعرفون اختراعًا عبقريًا اسمه وكيل الوزارة.. وهو الذى يدير جميع الملفات الفنية ويحرك الشغل فى وزارته.. فى حين يتفرغ الوزير للمهام السياسية والبروتوكولية.. وعندما يتغير الوزير لأسباب عديدة.. فإن وكيل الوزارة ثابت فى موقعه.. لا يتغير أبدا.. وهو ما يفسر تولى الوزير المدنى لوزارة الدفاع أو الداخلية.. والفضل لوكيل الوزارة.. ولوران فابيوس رئيس الوزراء فى عهد جاك شيراك.. تولى منصب وزير الداخلية ثم الخارجية قبل أن يصبح وزيرًا للاقتصاد.. هو يتولى المنصب سياسيًا دون أن يكون خبيرًا أو تكنوقراط!!.


وجاك شيراك شخصيا.. تولى وزارة الزراعة ثم الصحة قبل أن يعمل رئيسًا للوزراء ثم رئيسا للجمهورية.. وأقصد أن القيادة فن ودراسة وإعداد وتدريب.. وليس شرطًا أن تكون متمرسًا فى شغل السياسة.. المهم أن تجيد التعامل الهادئ مع المشكلات والأزمات!!.
فى بلاد الخواجات لا يأتى المسئول والوزير من الدار للنار دون فترة إعداد وتدريب.. ولا بد للمسئول أن يلتحق بمعهد مخصوص لإعداد القادة.. يدربونه على وظيفته الجديدة.. يعلمونه فن إدارة الأزمات وحل المشاكل.. ومن المؤكد أنهم يعطونه دروسًا خصوصية فى علم السياسة؛ لأنه من غير المعقول أن تتصدى للعمل العام ومعلوماتك صفر فى التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية.
فى فرنسا يلتحق الوزراء وأعضاء البرلمان بكلية «سان إيتان» لإعداد القادة وتدريبهم على أصول الشغل ومبادئ علم الاجتماع والاقتصاد والعلوم السياسية.. بل ويدربون الدارسين على فن الارتجال والكلام دون ورقة فى موضوعات مختلفة بعيدة عن تخصص الدارس.. وبشرط أن يكون كلامه عاقلًا لا يسبب المَلل أو الزَّهَق.. يتحدث الدارس عن الكيمياء النووية، التى لا يعرف عنها شيئًا.. يتحدث فى عموميات حولها.. دون أن يتلعثم أو يلخبط فى الكلام.. أو يخطئ فى مبادئ اللغة التى يتحدث بها.
وذات يوم التحقت ابنة البقال واسمها مارجريت تاتشر.. التحقت بكورس مكثف يعلمونها أصول الكلام.. بعد أن حصلت على منحة من جامعة كامبريدج لدراسة السياسة.. لم تكن «تاتشر» التى صارت امرأة حديدية بعد ذلك.. لم تعرف كيفية الحديث أمام مجموعة من الناس.. بل واضطرت للالتحاق بفرقة مسرحية متجولة لتتعلم أصول مواجهة الجماهير!.
عندنا الحال يختلف.. وذات يوم وفى امتحان الدبلوماسيين الجُدُد الذى تقدم له العشرات من الحاصلين على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.. قال الطالب الذى يسعى لتمثيل بلاده فى المحافل الدولية.. قال فى ورقة الإجابة.. أن نجيب محفوظ وزير فى الحكومة.. وقال آخر أن الأستاذ جمال عبدالناصر حائز على جائزة نوبل فى الكيمياء.. وقال ثالث أن مفجر ثورة يوليو 52 هو الزعيم أحمد زكى.. وأسألوا الدكتور مصطفى الفقى.. الذى كان مسئولا عن امتحان وتدريب الدبلوماسيين الجُدُد!.
وهناك من الوزراء والنواب من لم يقرأ كتابًا واحدًا خارج المقرر طوال حياته!.
وذات يوم.. قرأتُ دراسة سيكولوجية مهمة أعدها الدكتور أحمد عكاشة.. تؤكد أن هناك حالة من اللخبطة العقلية والارتباك النفسى تصيب المسئول الذى يتولى موقعه لأول مرة.. كما تصيب النواب الذين أمضوا سنوات طويلة فى الظل.. وهى مشكلات تتسبب فى الخلل الواضح فى الأداء، والميل للاستعراض والانجذاب فوق العادة لكاميرات التليفزيون وميكروفونات البرلمان.. وتنصح الدراسة بضرورة الدراسة فى معاهد لإعداد القادة الذين تعرضوا لتغيير كامل فى نمط حياتهم.. وقد أصيب بعضهم بداء الغرور.. بعد أن صاروا فى السُّلطة والحُكم.
لم توصِ دراسة الدكتور عكاشة بضرورة الاعتماد فى الوزارات المختلفة على وكيل الوزارة الفاهم والخبير.. مع أن الخواجة يطبقها ويأخذ بها.. ونحن فى فترة الخمسينيات والستينيات عرفنا وكيل الوزارة الفاهم والمستقر فى موقعه الذى ينفذ سياسات ثابتة.. حتى لو تغير الوزراء..!! 