الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

facebook.. .. يدعم اليمين

facebook.. .. يدعم اليمين
facebook.. .. يدعم اليمين


خلال جلسة استماع بالكونجرس منذ أيام، تَعرَّضَ الرئيس التنفيذى، ومؤسس موقع التواصل الاجتماعى «Facebook»، «مارك زوكربيرج» لوابل من الأسئلة الشرسة، التى فضحت تحركاته الأخيرة سواء كانت تحركات طواعية أو بالإكراه - من أجل دعم أحزاب اليمين الأمريكى. وجاء ذلك قبيل بدء العام الأخير للولاية الأولى من فترة الرئيس الأمريكى الحالى «دونالد ترامب»، والعام الأشرس قبل الانتخابات الأمريكية، المقرر عقدها فى 3نوفمبر 2020م، وما يحتويه من منافسات قوية بين المرشحين الأمريكيين.


سألت السيناتور الديمقراطية «مادلين دين»، «زوكربيرج» عمَّا إذا كان يعرف شيئًا عن تأجير شركته لمجموعة من الغرف فى فندق «ترامب إنترناشونال» الموجود فى «واشنطن»، ما أرضى الرئيس الأمريكى «ترامب» عنه، نتيجة لإنفاق الأموال فى أعماله التجارية. فرد «زوكربيرج» بأنه لا يعلم. فأضافت «دين»، إن: «كانت هناك تقارير عامة عن الشركات، وحتى الحكومات الأجنبية، التى تتعامل مع فنادق «ترامب»، من أجل جذب اهتمامه. فهل تعتقد أنك يمكن أن تعطينا إجابة، عمّا إذا كنت تقوم بأى عمل تجارى مع الفندق؟». فأكد الأخير، أنه سيراجع شركته فى أسئلتها تلك، ثم يعاود الرد عليها. الأغرب؛ كان فى سؤال النائبة «آليكساندريا أوتشيو كورتيز» لـ«زوكربيرج»، عن (حفلات العشاء المستمرة مع شخصيات يمينية متطرفة)، التى أجاب عنها الأخير بطريقة ضبابية عامة!!.
كانت جريدة «بوليتيكو» كشفت منذ أيام، أن «مارك زوكربيرج» استضاف محادثات غير رسمية، وحفلات عشاء صغيرة مع عدد من الصحفيين والمُعلقين (المحافظين)، ومُشَرّعين من الحزب (الجمهورى) فى الأشهُر الأخيرة، وذلك للحديث عن قضايا -على حد قولهم- مثل: «حُرية التعبير»، و«الشراكات المتبادلة»،...وغير ذلك. جديرًا بالذِّكْر، قبل التطرُّق لتفاصيل تقرير الجريدة، أن النزعة الأيديولوجية للحزب (المحافظ) الأمريكى، تنبع من (الجمهورى) الأمريكى.
وبالعودة للجريدة، فقد أكدت أن حفلات العشاء، التى بدأت منذ شهر يوليو الماضى، كانت جزءًا من جهود «زوكربيرج» الأوسع نطاقًا لتكوين أصدقاء مع جماعات (اليمين). وقد جاء ذلك، بَعد أن أعرب «ترامب»، وحلفاؤه عن غضبهم، بسبب التحيز المزعوم على موقع «فيسبوك»، ومواقع التواصل الاجتماعى الكبرَى الأخرَى، ضد (المحافظون) الأمريكيون.
وكان ضِمْن الحاضرين فى حفل العشاء، كل من: الصحفية المحافظة «مارى كاثرين هام»، والمُعلق السياسى المحافظ «بن شابيرو»، والكاتب بـ«معهد أميركان إنتربرايز» لأبحاث السياسات العامة (AEI) «مات كونتينيتى»، والمحلل السياسى «جاى بينسون»، ومؤسس «مركز أبحاث وسائل الإعلام» «برنت بوزيل»، ورئيس قسم المراسلين السياسيين فى مجلة «واشنطن إكزامينر» «بايرون يورك». كما تمت استضافة كل حفلات العشاء فى أحد منازل «زوكربيرج» بولاية «كاليفورنيا»، وكان يستمر على الأقل ما بين ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات.
ومع ذلك، عندما حاولت الجريدة أن تأخذ أى تعليقات من الحضور، أكد المتحدث باسم السناتور الجمهورى الشهير «ليندسى جراهام» فقط، أن السيناتور تحدث مع «زوكربيرج»، دون إعطاء تفاصيل. بينما رفض «كارلسون»، و«كونتينيتى»، و«بينسون»، و«بوزيل» التعليق. ولم يرد «شابيرو»، و«هام» بأى تعليق. ومن جانبه قال أحد الحاضرين لهذه الاجتماعات غير الرسمية ـ رفضت الجريدة ذكر اسمه: «أعتقد أنه (زوكربيرج) صار مُهتمًا أكثر ببعض مخاوفنا (اليمين)». أمَّا المتحدث باسم «فيسبوك» فقد رد بصورة عامة، وماكرة فى الوقت ذاته فى بيان، كتب فيه، إن: «لسنوات، التقى «مارك زوكربيرج» بالمسئولين المنتخبين، وقادة الفكر والمحللين فى جميع أنحاء العالم السياسى». وهو ما أكده «زوكربيرج» أيضًا من خلال منشور كتبه على موقع «فيسبوك».
لكن، الحقيقة والواقع اليوم، هو أن مؤسس «فيسبوك» يعقد لقاءات مع مؤيدى اليمين المتطرف لأول مرّة بينما كانت اللقاءات التى أشار إليها المتحدث باسم «فيسبوك» تُعقَد مع أعضاء بالحزبين الديمقراطى والجمهورى.. وهما الحزبان اللذان وصل أعضاؤهما إلى البيت الأبيض منذ تأسيس الموقع الأشهر والأكثر إثارة للجدل. والمؤكد أن الرؤساء الأمريكيين السابقين لم يكن أى منهم صاحب فكر يمينى كما هو الحال مع «ترامب» الذى ينتقد أعضاء حزبه «الجمهورى»، أنفسهم، بعض سياساته وتصريحاته العنصرية.
وعلقت الجريدة، بأنه صارت هناك شكوك ضد «زوكربيرج»، بأنه يحاول استرضاء «البيت الأبيض»، من خلال عدم إزعاج «ترامب»، الذى هدد بمقاضاة شركته، وشركة «جوجل» أيضًا فى شهر يونيو الماضى. وقد ضغط على وزارة العدل الأمريكية لاتخاذ جميع الإجراءات ضد خصومه هؤلاء.
كما قال أحد الباحثين الأمريكيين فى مجال الأمن السيبرانى، ومسئول حكومى سابق فى «سليكون فالى»: «إن النقاش فى «سيليكون فالى»، يدور حول قلق «زوكربيرج» الشديد من وزارة العدل الأمريكية تحت حُكم «ويليام بار»، الذى قد تؤدى بعض قراراته إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تفكيك شركته.. لذا؛ فإن ما يحاول «زوكربيرج» فعله، هو تهدئة إدارة «ترامب» من خلال عدم اتخاذ أى تحركات صارمة ضد الدعاية اليمينية».. بمعنى أنه سيتغاضى عن أى تجاوزات دعائية يمينية خلال الفترة المقبلة ولن يطبق سياسات الموقع الصارمة على تلك الدعاية.. لكنه سيطبقها على التيارات الأخرَى بالطبع.
ومن جانبه؛ قال مسئول كبير فى إدارة «ترامب»، عندما سُئل عن طبيعة تلك التجمعات السّرية، إن: «البيت الأبيض يبحث عن خطوات ذات مَغزَى على عدد من الجبهات بموقع «فيسبوك»، بما فى ذلك المنافسة، وحرية التعبير للجميع».
جديرًا بالذكر؛ أنه قبل فضح تلك اللقاءات السّرية، نشرت أخبار عن مقابلات تجرى بين «زوكربيرج»، والسيناتور الجمهورى «جراهام»، الذى كان انتقد -أثناء جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكى العام الماضى- موقع «فيسبوك»، بأنه أصبح حكرًا على البعض، ومن بَعدها صارت هناك مقابلات بين الطرفين!!.
وعلى صعيد آخر؛ اتهم عدد من الديمقراطيين، الذين يمثلون (اليسار) الأمريكى، موقع «فيسبوك» بأنه يستهدفهم، أو ينشر أخبارًا مضللة خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأسهم المرشحة الديمقراطية لرئاسة «الولايات المتحدة» لعام 2020م، «إليزبيث وارين»، التى كتبت على موقع التواصل «تويتر»: ««فيسبوك» غَيَّرَ سياسة الإعلانات الخاصة به، من أجل السماح للسياسيين بعرض إعلاناتهم، التى تحتوى على أكاذيب معروفة، ما يحول نظامه صراحة إلى جهاز مضلل كبير للربح». ومن جانبها؛ قالت عضوة مجلس نواب الأمريكى عن الحزب الديمقراطى «إلهان عمر»، إن كلًا من الرئيس الأمريكى، والمدير التنفيذى لـ«فيسبوك» مسئولان جزئيًا عن عمليات التهديد والإكره التى تحاصرها فى كل مكان من خلال تمكين خُطب الكراهية بالانتشار الواسع. وقد أعطت مثالًا على ذلك؛ بأن الموقع الاجتماعى لم يحذف المعلومات المضللة عنها مثلما يفعل مع الآخرين، إذْ كانت ضِمْن أحدث الحوادث التى لاحقتها، هى نشر السناتور الجمهورى عن ولاية «داكوتا الشمالية»، صورة مزيفة لـ«عمر» فى معسكر تدريب تابع لتنظيم «القاعدة»، التى ردت عليها «عمر» فى تغريدة، بأنها صورة مزيفة تهدف إلى العنف والكراهية، ولم يفعل «فيسبوك» شيئًا لحذف الصورة. مؤكدة؛ أنهم يتعمدون استهدافها. قائلة: «لقد بذلنا كل ما فى وسعنا لإشراكهم فى محادثة حول كيفية تعريضهم حياتى للخطر، وحياة الأشخاص الذين يشاركوننى فى هُويتى. فعندما يصفوننى بالإرهابية، تكون كل فتاة صومالية، أو مسلمة تسير فى الشارع تشبهنى، معرضة للخطر».
فى النهاية، وبَعد وابل الاتهامات المتلاحقة، ومعرفة وجود هذه الاجتماعات السّرية المغلقة، التى لا تزال مناقشاتها، ومخططاتها فى طى الكتمان، أعرب عدد من المحللين الأمريكين، أنه من المفترض ألَّا يكون مفاجئًا عندما يرى الناس، أن وسائل الإعلام اليمينية، وأحزاب اليمين تحظى بشعبية كبيرة على موقع «فيسبوك»؛ خصوصًا أن نائب رئيس السياسة العامة العالمية للشركة، هو «جويل كابلان»، الذى شغل منصب مساعد سابق للرئيس الأمريكى الأسبق «جورج بوش» الابن، وهو صاحب أفكار محافظة، أى أنه الأقرب إلى الفكر اليمينى وبالتالى فهو اختيار دقيق من «زوكربرج» لشخص يمكن أن يساعده فى تخطى أزمته مع الإدارة اليمينية الحالية فى «الولايات المتحدة الأمريكية».