الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لماذا استولت DOJ على برنامج PROMIS؟

لماذا استولت DOJ على برنامج PROMIS؟
لماذا استولت DOJ على برنامج PROMIS؟


بعد أن كشفنا تفاصيل وأسرار ما دار فى قضية شركة «إنسلو» وكيف تحايل، بل احتال بعض مسئولى وزارة العدل الأمريكية DOJ على الشركة ومالكها «وليام هاميلتون» من أجل الاستيلاء على البرنامج وسلب الشركة حقوقها فى ملكيته بأساليب ملتوية ومخادعة، جاء الوقت لكى نتعرف على الأسباب التى دفعت وزارة، مفترض أن تكون مسئولة عن تحقيق العدل وضمان العدالة للأفراد والشركات داخل الدولة، أن تخطط لعملية سرقة ثم تقوم بتطوير البرنامج المسروق ثم بيعه دون الرجوع للمالك الحقيقى، بل ترفض الاعتراف بملكيته للبرامج الموثقة والمعروفة منذ أن كان يعمل معها بشكل رسمى والأكثر أن الوزارة عرقلت كل محاولات الشركة للحصول على حقوقها من خلال القضاء وسنرى فى سياق الملف كيف وقعت حوادث أو لنقل جرائم قتل لكل من سعى لكشف الحقيقة فى هذه القضية.


التجسس
السبب الأول بالطبع هو سبب تقنى، فقد وجدت الوزارة نفسها أمام برنامج مبهر يستطيع ربط كل الشبكات المرتبطة بالوزارة معًا ويمكن من خلاله الحصول على أى بيانات بكبسة زر، وهو ما كان نوعًا من الإعجاز فى السبعينيات من القرن الماضى، أرادت الوزارة تطوير البرنامج واستغلاله لمصلحتها لكى يمكّنها من التجسس على أجهزة الاستخبارات فى الداخل والخارج وجمع معلومات لا حصر لها.. وهو ما حدث بالفعل عندما قام المبرمج الأمريكى- الإسرائيلى «مايكل ريكونوسكيتو» وعميل «وكالة الاستخبارات المركزية» CIA بتطوير البرنامج لصالح الوزارة.
قضية التنصت ليست ببعيدة عن السياسات الأمريكية عبر العقود الماضية، وقد كشف رجل الاستخبارات السابق «إدوارد سنودن» عن اعتماد أجهزة الاستخبارات على التنصت على الاتصالات داخل الولايات المتحدة وخارجها من خلال أحد البرامج الذى يعد التطور التدريجى لبرنامج «بروميس» أو PROMIS  الذى نتحدث عنه، وPROMIS هى اختصار لاسم البرنامج وهو «أنظمة إدارة معلومات المدعى العام» على اعتبار أن البرنامج صمم من أجل وزارة العدل.
بعد تطويره،تحول PROMIS إلى ما يشبه الأذن الرقمية للحكومة الأمريكية وعملياتها الاستخباراتية فى الداخل والخارج خاصة أن التعديل الذى أجراه «ريكونوسكيتو» جعل البرنامج يتجسس على البيانات الموجودة على أى جهاز يستخدمه سرًا ولا يمكن كشفه.
وبالتالى فقد كان يجب بيع البرنامج الجديد إلى مؤسسات وأجهزة مختلفة فى الداخل والخارج لكى يتمكن من أداء دوره التجسسى المطلوب، وقد حدث ذلك بالفعل، رغم نفى العديد من الجهات شراءها للبرنامج إلا أن التحقيقات أثبتت تضارب الأقوال إلى جانب خطأ ارتكبته مؤسسات كندية لم يتم الإعلان عنها عندما بعثت بخطابين إلى شركة «إنسلو» تطلبان منها إرسال «دليل المستخدم» أو «USER’S MANUAL»، الشركة استخدمت الخطابين لتثبت أن وزارة العدل باعت البرنامج إلى دول أجنبية دون الرجوع إليها، مؤكدة أنها لم تقم ببيع البرنامج إلى أى جهة أجنبية واقتصر تعاملها فقط مع وزارة العدل. ورغم تدارك المسئولين الكنديين لذلك الخطأ وتصريحهم بأن الخطابين تم إرسالهما عن طريق الخطأ، فإن هذه الحجة لم تكن لتفلح بالطبع لأنها غير منطقية ولا يمكن تصديقها.
ضمان فشل مفاجأة أكتوبر
تلك المفاجأة التى يخشاها المرشحون الانتخابيون ويدبرونها لخصومهم خلال الشهر الذى يسبق الانتخابات الرئاسية، وقد قررت الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى السابق «رونالد ريجان» أن يفشلوا المفاوضات التى يقوم بها الرئيس الأمريكى وقتها «جيمى كارتر» والذى كان مرشحًا لفترة رئاسية ثانية، مع الحكومة الإيرانية من أجل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين الذين تحتجزهم.
شهدت إيران اضطرابات وتظاهرات فى يناير 1979 قادها «آية الله الخمينى» ضد شاه إيران «محمد رضا بهلوى» الذى اضطر إلى الهروب خارج البلاد واستقر به الحال فى الولايات المتحدة، إذ كان يتلقى علاجًا  هناك.وأدى ذلك إلى فوضى عارمة كان أهم أحداثها هو الهجوم الذى قام به عدد من الطلاب على السفارة الأمريكية فى طهران فى نوفمبر من العام نفسه واحتجزوا رهائن بلغ عددهم 52 أمريكيًا مطالبين بتسليم الشاه لمحاكمته. وفشلت محاولات الإفراج عن الرهائن بما فيها محاولة من خلال عملية عسكرية راح ضحيتها 8 جنود أمريكيين ولم يتحرر الرهائن.
أراد «كارتر» التفاوض لكسب ثقة الناخبين وضمان الفوز فى الانتخابات، لكن فريق حملة «ريجان» الرئاسية تدخل سرًا والتقى مع مسئولين إيرانيين وعقد صفقة معهم بمنحهم السلاح الذى يريدونه مقابل عدم الإفراج عن الرهائن إلا بعد فوز «ريجان»، وهو ما تم بالفعل، إذ أعلنت إيران الإفراج عن الرهائن الأمريكيين فور انتهاء ريجان من كلمته فى حفل التنصيب.
وإذا كان التساؤل هو: من أين حصل «ريجان» على الأموال التى دفعها من أجل الإفراج عن الرهائن فإن الإجابة تكمن فى صفقات بيع برنامج PROMIS إلى أكثر من 80 مؤسسة داخل الولايات المتحدة وخارجها والتى حققت أرباحًا طائلة، وقد حصل «وليام هاميلتون» صاحب شركة «إنسلو» المالكة للبرنامج على معلومة من الصحفى الاستقصائى «دانى كاسولارو» تؤكد أن إيران حصلت على 40 مليون دولار للإفراج عن الرهائن، وقد تم تسديد المبلغ من أرباح بيع البرنامج والذى كان يُشرف عليها دكتور «إيرل براين» المستشار الرئاسى للرئيس السابق «ريجان» وصديقه المقرب. «كاسولارو» حقق على مدار عام كامل فى هذه القضية وقتل بسبب ما وصل إليه من معلومات خطيرة.
أزمة إيران كونترا (إيران جيت)
هى أزمة بيع «واشنطن» أسلحة لإيران وهى استكمال للصفقة السابقة التى أبرمها فريق «ريجان» الرئاسى مع الحكومة الإيرانية الجديدة من أجل الإفراج عن الرهائن.باعت «الولايات المتحدة الأمريكية» لإيران أكثر من 90 «صاروخ تاو» نقلتها طائرة إسرائيلية، حيث كان للجاسوس الإسرائيلى السابق « بن ميناش» دور بارز فى إتمام تلك الصفقة، وهو نفس الشخص الذى اعترف بأنه حضر اجتماعًا سريًا فى «تل أبيب» عام 1987 عرض خلاله «إيرل براين» مستشار «ريجان» برنامج PROMIS مؤكدًا أن كلاً من «وكالة استخبارات الدفاع» DIA  و«وكالة الأمن القومى» NSA و«وكالة الاستخبارات المركزية» CIA  يستخدمون البرنامج وأن ذلك حدث خلال فترة عمله مع «الموساد الإسرائيلى». 