الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

جاك شيراك.. الصديق عاشق الكسكسى. .!

جاك شيراك.. الصديق عاشق الكسكسى. .!
جاك شيراك.. الصديق عاشق الكسكسى. .!


رحل الفرنسى الفلاح المزارع وابن الأصول.. جاك شيراك.. صديقنا الخواجة.. عاشق الكسكسى المغربى.. والمدافع المتحمس عن القضية الفلسطينية.. وفور الإعلان عن وفاته.. ارتبكت وسائل الإعلام الفرنسية وقد فاجأه خبر الوفاة.. خصوصا أن شيراك رحل مبكرا.. هو لم يتجاوز السادسة والثمانين وهى سن صغيرة فى المجتمع الغربى ومتوسط عمر الرجال هناك لا يقل أبدا عن الخامسة والتسعين.. وربما لم يعرف زعيم غربى خفايا وخبايا القضايا العربية كما عرفها شيراك الذى لم يكتف وإنما انحاز تماما للحق العربى.

قبل أعوام.. أبدى جاك شيراك، وكان يرأس الحكومة الفرنسية.. أبدى رغبته فى زيارة ياسر عرفات المحاصر فى غزة.. فاعترضت الحكومة الإسرائيلية مؤكدة أن زيارة عرفات لن تتم قبل زيارة تل أبيب وتقديم فروض الولاء والطاعة للحكومة الإسرائيلية أولا.. ولما رفض جاك شيراك واعتذر عن إتمام الزيارة أصلا.. اتهمته حكومة إسرائيل بالعداء للسامية..!
بعدها بسنوات وعندما تولى جاك شيراك رئاسة الجمهورية الفرنسية وجهت إليه دعوة إسرائيلية رسمية لزيارة إسرائيل التى لم يزرها أبدا وهو رئيس للوزارة.. وهناك استمع إلى وجهة نظر حكام إسرائيل فيما يدور ويتم فى الأرض المحتلة.. وقد وافق على زيارة حائط المبكى.. لكنه رفض ارتداء الطاقية الصهيونية.. وعبر عن استيائه لما يدور من ذبح وتقتيل.. فتخلى الأمن الإسرائيلى المرافق له عن حمايته.. وحاول البعض الاعتداء على الرئيس الفرنسى وقد جذبه البعض من ملابسه.. ودفعه البعض الآخر.. فى سابقة دبلوماسية لا تحدث مع رؤساء الدول.. وبدلا من أن تعتذر إسرائيل عن وقاحة رجالها.. خرج منها بيان رسمى يتهم الرئيس الفرنسى أنه معادٍ للسامية منحاز للعرب.. بدليل رغبة شيراك فى زيارة ياسر عرفات فى مقر الحكومة الفلسطينية.
رحل جاك شيراك إذن.. وهو الضليع فى الفن الفرعونى.. وعندما تأتى المناسبة يتحدث عنه حديث الخبير الفاهم.. وسبحان الله يا أخى.. فإن شيراك هو الزعيم الفرنسى الثالث طوال الخمسين سنة الأخيرة.. الذى يعشق الفن الفرعونى وينحاز إلى قضايانا.. والأول كان شارل ديجول ثم فرانسوا ميتران.. وأخيرا جاك شيراك.. ومن جاء بعد ذلك يتعامل معنا بالشوكة والسكين.. وليس أبدا بعمق ودفء المشاعر التى تعامل بها الزعماء الثلاثة.. ديجول وميتران وشيراك.
والمنطق الآن الذى يسود بين الزعماء الجدد فى فرنسا وغيرها هو منطق المصالح العليا للدولة.. والخيبة أن مصالح دولة ما قد تتعارض مع مصالح دولة أخرى.. لكن البقاء للأقوى.. وللأكثر مقدرة على استخدام وسائل الغش والخداع الاستراتيجى.. وهو نفس منطق الغاب والإنسان البدائى..!
إن العالم الآن يغيب عنه المحترفون والمصلحون الاجتماعيون أمثال جاك شيراك.. ويحل محلهم الهواة.. الباحثون عن الأضواء والشهرة.. وهؤلاء نظرتهم ضيقة ورؤيتهم قاصرة.. تشغلهم فقط حسابات المكسب والخسارة واستعراض العضلات.. وهى أمور تختلف تماما عن قيم العدل والمنطق والأصول.. التى سعى لتحقيقها المحترفون من أمثال جاك شيراك.
قدرنا.. أن نتحسر على ما فات من زعامات ورجال حكم.. كنا نحسبهم الأسوأ فى الماضى.. مع أنهم نجوم شباك بمقاييس الحاضر.
حظنا.. أننا نترحم الآن على أيام ديجول وميتران وشيراك.. بعد أن حملت لنا الأقدار ساركوزى كخليفة لهم.
رحم الله جاك شيراك الصديق الفرنسى.. عاشق العرب والمطبخ العربى.. الفاهم تماما للفنون العربية والتاريخ الفرعونى.. صديق الفنانين والفنانات.. والعالم اللغوى الحقيقى.. وكان يجيد التحدث بالفرنسية والإنجليزية والألمانية ويعرف اللغة العربية والروسية أيضًا.. أى والله كان يجيد الروسية بالإضافة إلى العربية..! 