الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الخبير الاقتصاى إيهاب سمرة: أطالب بإنشاء رأسمالية وطنية جديدة!

الخبير الاقتصاى إيهاب سمرة: أطالب بإنشاء رأسمالية وطنية جديدة!
الخبير الاقتصاى إيهاب سمرة: أطالب بإنشاء رأسمالية وطنية جديدة!


وسط تباين الآراء حول أداء الاقتصاد المصرى، والشائعات التى تنال من أدائه، وتشكك فى مدى فاعلية السياسات الاقتصادية المتبعة فى الفترة الراهنة، ذهبنا إلى الخبير الاقتصادى ورئيس اللجنة الاقتصادية لحزب المصريين الأحرار ليفند هذه الادعاءات ويدحض بالبراهين تلك الآراء التى لا تستند إلا على الأكاذيب والشائعات لنشر الفوضى، وإلى نص الحوار:


فى البداية نريد أن نعرف الخلفية التى يعتمد عليها رجل الأعمال والسياسى إيهاب سمرة لفهم الحالة الاقتصادية فى مصر؟
أرى دائمًا أن مصر لا يصلح معها آراء معلبة لأن الحالة التى نمر بها هى حالة فريدة جدا ولا تحتاج إلى نظريات سابقة، وفى نفس الوقت هذا لا يعنى ألا نقرأ ولكن لا بد من هضم كل هذه النظريات دون إسقاطها على الحالة الراهنة، فلا يوجد دولة مرت بما مررنا به ولا يوجد دولة لها تركيبة تشبهنا، فالشعب المصرى فى وقت الضغوط الاقتصادية وتحريك سعر الوقود استثمر 64 مليار جنيه لشهادات قناة السويس لدعم الحكومة والرئيس.
فى الوقت الذى تقوم به الدولة بإصلاحات كبيرة فى الاقتصاد، لماذا لا يشعر المواطن بجدوى ذلك؟
أعتقد أن ذلك يرجع إلى السوق التى ورثناها بما فيها من احتكار للقلة، وهى حالة السوق المصرية حاليا، حيث تسعى هذه القلة للعودة لحالة ما قبل 2011 من تزاوج المال بالسلطة، ويصدرون للناس شعورًا بعدم جدوى المشاريع التى تقوم بها الدولة، بل أنها تفكر بالسيطرة على تلك المشاريع التى تقوم الدولة بإقامتها حاليا.
لكن هذه «القلة» التى تقصدها تشارك فى بعض المشروعات القومية فى الوقت الراهن؟
 كلمة مشاركة لها أبعاد كثيرة، فكون أنك مقاول تأخذ التكليف منى، فمن الممكن أن أعطى العملية لأى عميل لآخر، لكن مشكلة هؤلاء أنهم لا يريدون أن يكونوا مجرد مقاولين فقط، لأنهم قبل 2011 لم يكونوا مجرد مقاولين، بل كانوا يلعبون دور المطور العقارى، وهى وظيفة بارت فى مصر الآن.
لكن «المطور العقارى» لم يكن هو الصورة الوحيدة للفساد قبل 2011.. لماذا أشرت لهذا المجال بالتحديد؟
لأن المطور العقارى، كانت وظيفته عبارة عن سمسار أراضٍ، لكن من الدرجة الأولى، والقصة تتلخص فى أن هناك صراعا دائما بين القطاع الخاص والقطاع العام، لذلك كان من أهداف ثورة 52 القضاء على سيطرة رأس المال على الحياة السياسية، وبعد أن مرت تجربة عبدالناصر بإنجازاتها وأخطائها، وأنا بالمناسبة أميل إلى تجربة عبدالناصر مع تدارك الأخطاء التى حدثت، وبعد ذلك دخلنا فيما نسميه بالهجمة المرتدة وهو الانفتاح والذى فتح الباب أمام الجيل الثانى من الباشاوات أو ملاك مصر، وهذه العودة أدت إلى خراب مجتمعى.
وماذا عن مصر بعد ثورة 30 يونيو؟
مصر فى 2013 كانت عبارة عن شبه دولة اقتصاديا وسياسيا، ومجتمع فى حالة من الخراب، أما بالنسبة للاقتصاد أظن أن المذهب الاقتصادى للدولة اليوم لم يتحدد بعد، لكن ملامح الحركة الاقتصادية بدأت تتخذ شكلا غير معلن، فأول مقالة كتبها الرئيس بنفسه والتى نشرت فى صحيفة نيويورك تايمز قال إنه يسعى لنمو بقيادة القطاع الخاص ومن الواضح أن هذا القطاع خذل الرئيس، أو وضع شروطا غير قابلة للتطبيق، حيث طالب القطاع الخاص بعوائد ومزايا كتلك التى كان يحصل عليها قبل 2011.
هل تتوقع أن تنجح الدولة فى استرداد الاقتصاد من يد القلة المحتكرة؟
الدولة غيرت بالفعل شروط وقواعد الاقتصاد الذى أسس ما يسمى باحتكار القلة، لكن لدينا مشكلة فى قدرة الدولة فى الاشتباك مع السوق، لأن الدولة لا تعرف أدبيات الاشتباك مع السوق وهذه هى كارثة القطاع العام، لذلك انخرط بعض رجال الأعمال الوطنيين فى مساعدة هذه المشروعات الجديدة فى مجال التسويق، وهو ما أخشى أن يُفشل مشروع المزارع السمكية والأسمنت وغيرها.
كيف ترى العلاقة بين الرئيس والقطاع الخاص خلال الوقت الراهن؟
يبدو أن تخمة رجال الأعمال لم تنسجم مع توجهات الرئيس، لكن منذ 2015 بدأت الدولة تظهر فى الصورة، الحقيقة أن الرئيس لم يقتل القطاع الخاص، لكنه سد الفراغ الذى لم يقدر عليه القطاع الخاص أو القطاع العام، وكانت البداية عندما تقاعس القطاع الخاص عن بناء محطات الكهرباء وسط أزمة انقطاع التيار حينها، وكانت هذه هى بداية عودة الدولة للاستثمار بعد نجاح المحطات.
لكن تدخل الدولة لم يقتصر على محطات الكهرباء وامتد إلى المشروعات المعمارية فما رأيك فى ذلك؟
 هناك نظرية فى الاقتصاد تسمى خلق الأصول، وهذا ما تفعله الدولة الآن عبر المشاريع التى تقوم بها فى الصحراء كالعاصمة الإدارية وجبل الجلالة ومدينة العلمين الجديدة وغيرها، ليس لخفض أسعار السكن الفاخر ولكن لتمويل السكن المتوسط والبسيط من عوائد تلك المشاريع، فالدولة حصلت على 100 مليار جنيه من أراضى العاصمة الإدارية حتى الآن، وهذه الأموال التى تحصل عليها تمول من خلالها مشروعات الصوب الزراعية ومحطات تنقية مياه النيل وإنشاء المزارع السمكية وغيرها من المشروعات العملاقة.
على ذكر إنشاء المزارع السمكية، لماذا لم ينعكس ذلك على المواطن بخفض أسعار الأسماك؟
هذه المشكلة تلخصها أزمة زيادة أسعار أسماك البلطى خلال الفترة الأخيرة بالرغم من زيادة الإنتاج بعد افتتاح عدد من مشروعات المزارع، فقبل 2011 ونحن نمتلك أكبر بحيرة صناعية على النيل ونستورد نصف مليون طن أسماك نيلية من أوغندا، وبالطبع هذه المشروعات لم ترُق للمنتفعين من الأسماك المستوردة، استطاعوا بألاعيبهم السيطرة على كل الإنتاج حتى وصل سعر البلطى العام الماضى لـ40 جنيها للكيلو، ووقفوا يروجون الشائعات أن الجيش هو السبب فى رفع الأسعار، وهذه الأزمة تنطبق على سوق الخضروات إذا راجعنا ميزان التجارة المصرى التركى فى شهر 6 الماضى سنكتشف أن صادرات مصر من الخضر والفاكهة تضاعفت 30 مرة خلال السنة الماضية، هذه مشكلة لأن القلة المحتكرة بهذه العملية تكون قد سيطرت على سوق الخضر والفاكهة تماما وبالتالى تتحكم فى الأسعار.
فى ضوء ما سميته بخذلان القطاع الخاص للرئيس.. ما دور الدولة الحالى فى إدارة الاقتصاد؟
الدولة بدأت تسترد مكانتها ليس فقط كمنظم للسوق ولكن كصانع ولاعب فى هذه السوق، لكن ذلك لا يمكن تحقيقه بالإنتاج فقط، ولا بد من دعم قطاع خاص جديد، ورأسمالية وطنية جديدة مع الابتعاد عن سياسة التسعيرة الجبرية التى لا تجدى إلا فى بعض السلع الأساسية كالأدوية والبنزين والمواصلات.
لكن حتى مع وجود تسعيرة ثابتة للسلع الأساسية هناك الكثير من فئات الشعب تعانى من ارتفاع سعر الأدوية على سبيل المثال.. كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
 مشكلة الأدوية عالمية لأن حجم تجارة الأدوية يزيد على اقتصاد أكبر دولة فى العالم، وأرى أن الدولة اشتبكت مع إمبراطوريات صناعة الدواء بطريقة عنيفة إلى حد ما فى موضوع علاج السوفالدى وعلاج فيروس سى، وهذا المشروع يشبه القضاء على وباء البلهارسيا وشلل الأطفال فى أيام جمال عبدالناصر، وهو ما أدى لكثير من التضييقات فى الحصول على الأجهزة الطبية المتطورة لكى لا يكون هناك تطوير فى المادة الفعالة للأدوية فى مصر وهو ما نعانى منه منذ أكثر من 20 عاما.
وماذا عن مشروع تطوير شركة تجارة الأدوية المملوكة للدولة؟
دعم شركة تجارة الأدوية خطوة مهمة فى هذا الملف، لكن يجب اتباع أسلوب محاسبة مختلف مع الشركات التجارية بعكس المصانع.
ترى أن الدولة تحتاج إلى ذراع اقتصادية وطنية.. كيف يمكن تحقيق ذلك؟
بالفعل نحن نحتاج لذراع اقتصادية للدولة، لأننا عندما احتجنا لذراع اقتصادية لم نجد فلجأنا إلى القوات المسلحة لتسد هذا الفراغ، لذلك يجب أن نعود لحالة شهادات استثمار قناة السويس والتى جعلت الشعب هو المستثمر الرئيسى فى مصر والدولة هى الوكيل له، وهى المرة الأولى التى أزيح فيها رجال الأعمال من الصورة وقتها، فالسيسى يرى مصر وطنا بعكس كثير من كبار رجال الأعمال ممن يرونها غنيمة.
ما هى تكلفة المشروعات القومية، وكيف يتم تمويل تلك الاستثمارات؟
 الدولة صرفت أكثر من 4 تريليونات جنيه خلال الأربع سنوات الماضية على المشروعات القومية دون أن تقترب من الموازنة التى ينخفض عجزها كل عام، هذه الأموال جاءت نتيجة لاستعادة الدولة لدورها كصانعة للأصول من خلال بيع الأراضى وبعض القروض التى لا قلق منها لأننا نصنع بهذه القروض أصولا بعكس السابق إذ كان يتم تبديدها فى النفقات وصرف المرتبات.
قلت إن المذهب الاقتصادى للدولة لم تظهر ملامحه بعد.. فى رأيك ما المذهب المناسب لنا فى الفترة المقبلة؟
أعتقد أننا نتبع تجربة عبدالناصر لكن من دون تأميم، فلا أعتقد أنه يمكن أن يحدث تأميم ولكن أن تتدخل الدولة كلاعب فى السوق وصانع لها وليس محتكرا كما كان من قبل فى تجربة ناصر.
كان لك رأى مختلف يتعلق برفض انخفاض سعر الدولار، نريد أن نفهم ذلك؟
لا أرفض التدخل من جانب البنك المركزى لاستقرار سعر الصرف وإدارة الاحتياطى النقدى، ولكنّى أرى أن خفض سعر الدولار يضر بالسياحة والتصدير ويدعم الاستيراد، ويجب الأخذ فى الاعتبار أننا ننافس دولة عملتها تنهار، لذلك فأنا أؤيد رفع سعر الدولار.
وماذا عن سياسة «رسوم الإغراق» التى تطبقها وزارة الصناعة على بعض السلع مؤخرا ومنها البيليت؟
هذه الرسوم لا تكفى لحماية الصناعة المصرية من الإغراق، ولدينا مثال الأدوات المدرسية التى لا تحتاج إلى تكنولوجيا معقدة لتصنيعها، فالسوق المصرية لا تزال تعانى من إغراق المنتجات المستوردة منها، لذلك لا يمكن أن نرى معارض لسلع مصرية كليا إلا فى حال رفع سعر الدولار الذى سيمنع تهريب السلع التى تغرق السوق، ولا بد أن نكون واسعى الحيلة فنتخذ العديد من الإجراءات التى تمكنا من السيطرة مرة أخرى على أسواقنا الداخلية، ومنها زيادة الإنتاج عبر إنقاذ المصانع المتعثرة ورفع سعر الدولار لأن رسوم الإغراق سيتم الالتفاف عليها.
وصلت الصادرات المصرية وفق آخر تقرير حكومى لأكثر من 30 مليار دولار سنويا.. كيف ترى هذه الزيادة ؟
هذه الزيادة ليست كافية، خاصة إذا حللنا الأرقام وللعلم صادرات مصر المفيدة للمجتمع تتمثل فى الحاصلات الزراعية وصناعة الملابس والمنسوجات لأن أغلب مكوناتها محلية عكس المنتجات الأخرى التى لا تعدو كونها صناعات تجميعية.
ارتفعت ديون مصر خلال السنوات الأخيرة.. ما تقيمك لذلك؟
لا أخشى الديون نهائيا، فأنا لا أخاف إلا من الديون التى تستخدم بطريقة خاطئة، لذلك أنا مطمئن لأننا استثمرنا الأموال فى بناء أصل وهذا الأصل قيمته تتزايد، كما أن الديون طويلة الأجل لكن لابد من خفض أسعار الفائدة على أذون الخزانة والسندات، خاصة أنها فى اتجاه تنازلى فى العالم.