الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وثيقة لـ«FBI»: نظريات المؤامرة.. «تهديد إرهابى داخلى»!

وثيقة لـ«FBI»: نظريات المؤامرة.. «تهديد إرهابى داخلى»!
وثيقة لـ«FBI»: نظريات المؤامرة.. «تهديد إرهابى داخلى»!


سواء كنت تصدق فى نظريات المؤامرة أو تَعتبرها مجرد خرافات وأوهام فى عقول أصحابها؛ فإن هذا لن يمنع أصحاب تلك النظريات من إعلانها، ومحاولة الإقناع بها بشتى الطرُق، لكن الجديد اليوم هو الإعلان أن «مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى» (FBI) أصبح يتعامل مع تلك النظريات بوصفها تهديدًا إرهابيّا داخليّا!! فقد وصفت وثيقة صادرة عن المكتب بتاريخ  30 مايو 2019م «المتطرفون الذين تحركهم نظريات المؤامرة» بـ«التهديد المتزايد»، وهو ما يُعَد توصيفًا جديدًا يُجرّم  تلك النظريات، ويضع أصحابها تحت طائلة القانون.
الوثيقة  ذكرت عددًا من عمليات القبض التى قام بها المكتب سَرًّا، وجميعها مُعلقة بحوادث عنف حرّكتها معتقدات وأفكار متطرفة تغذيها نظريات المؤامرة. «كانون» هى إحدى الشبكات الغامضة التى يَعتقد أعضاؤها أن الدولة العميقة تتآمر ضد  الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، وقد ذكرتها الوثيقة تحديدًا إلى جانب «بيتزاجيت»، وهى النظرية التى تقول إن هناك شبكة لاستغلال الأطفال جنسيّا يشارك بها شركاء الرئيس الأمريكى الأسبق «بيل كلينتون» وتتم إدارتها من سرداب أسفل أحد مطاعم البيتزا بالعاصمة الأمريكية «واشنطن».
وأشارت وثيقة الـ«FBI» إلى أن تلك النظريات يمكنها الانتشار والتطور فى ظل التطور التكنولوجى السريع الذى نعيشه فى العصر الحديث، وهو ما قد يدفع أفرادًا أو مجموعات متطرفة فكريّا إلى ارتكاب جرائم أو القيام بأعمال عنف. وشددت الوثيقة على أن رجال «مكتب التحقيقات الفيدرالى» يعتقدون أن المتطرفين المؤمنين بنظريات المؤامرة سوف تزداد أعدادهم خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة فى عام 2020م.
واعترفت الوثيقة بأن محاولات إخفاء الحقيقة والمؤامرات التى تثبت صحته تُولد شعورًا سلبيّا تجاه الحكومة الأمريكية؛ خصوصًا إذا تورط فى المؤامرة مسئولون حكوميون أو شخصيات سياسية بشكل غير قانونى أو مخالف للدستور.
وقد أثارت تلك الأخبار حفيظة البعض الذى شكك فى كيفية استخدام تلك الادعاءات من جانب «مكتب التحقيقات الفيدرالى». فبينما تمثل الشبكات التى تروج لنظريات مؤامرة مجنونة أو بعيدة عن الواقع تهديدًا ممثلًا فى أعضائها والمؤمنين بها الذين قد يتصرفون بعنف وتعصب بناءً على معتقداتهم التى لا أساس لها من الصحة إلّا أن هناك شبكات أخرى تعتبر ادعاءاتها نظريات مؤامرة لكنها لا تحمل أفكارًا مجنونة، بمعنى أنها قد تعد اتهامات يمكن أن تثبت الأيام صحتها.
وإذا كان التوجه للحظر للـ«FBI» قد ظهر اليوم؛ فإن بداياته تعود إلى عام 2017م عندما تعرضت شبكة «بيتزاجيت» للحظر على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، وهو موقع «رديت»، وكانت التهمة هى «نشر معلومات شخصية وسرية». وكانت المجموعة قد قامت ببحث وتحقيق فى العلاقة بين رجل الأعمال «جيفرى إبستن» الذى انتحر مؤخرًا وبين آل كلينتون؛ خصوصًا أن من المعروف أن «بيل كلينتون» قد استقل طائرة إبستن الخاصة المعروفة باسم «لوليتا اكسبرس» عدة مرات فى سرية ودون حراسة، وهو ما يُعد سلوكًا مريبًا؛ خصوصًا أن إبستن طالما اتهم بالعمل كقواد متخصص فى الأطفال؛ خصوصًا الفتيات القاصرات.
لكن الغريب أن يبدأ المكتب التعامل مع تلك الشبكة بالذات بهذا الشكل، واعتبارها تهديدًا إرهابيّا داخليّا، بينما كانت الاتهامات تتزايد والأدلة تتراكم ضد أبستن صديق الرؤساء ورجال الأعمال والفن وكبار المسئولين الأمريكيين. وقد واكب ذلك حملة إعلامية شنتها الصحافة الأمريكية ضد تلك الشبكة أيضًا، واتهام أعضائها بالجنون بينما كانت الشبكة تقوم بمجهود حقيقى من أجل كشف الحقيقة والوصول إلى حقيقة العلاقة بين الرئيس الأسبق، والملياردير القواد. وإذا كانت التغطية الإعلامية التى تركز على تشويه أصحاب نظريات المؤامرة ليست بجديدة، إذ حدث الشىء نفسه فى قضية استغلال جنسى للأطفال فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق «فرنكلين روزفلت» التى تولاها المكتب أيضًا، وانتهت دون تفاصيل أو إعلان عن أسماء الشخصيات المهمة الشهيرة المتورطة فى الشبكة، إلّا أن التوجه الجديد للـ«FBI» لم تكن له سابقة فى الماضى..وهو نفس ما يحدث اليوم فى قضية أبستن الذى تدعى الشرطة الأمريكية أنه انتحر بزنزانته فى 10أغسطس الماضى، وأنه لم يكن مراقبًا بكاميرات رُغْمَ أنه تقدّم ببلاغ بأن هناك من يحاول قتله قبل أيام من وفاته. فهل اختلق «مكتب التحقيقات الفيدرالى» هذا التوجه الجديد بهدف تهديد تلك الشبكة وغيرها، ووقف تحقيقهم وسعيهم وراء الحقيقة فيما يخص قضية «أبستن».
فى قضية مجموعة «بيتزاجيت» ربط مكتب التحقيقات الفيدرالى بين الشبكة وأحد الأشخاص الذى هاجم أحد مطاعم البيتزا واعتبروه مؤمنًا بتلك النظريات وبالتالى فإن من قاموا بنشر النظرية هم أيضًا مجرمون ومحرضون.
الغريب أن الولايات المتحدة اشتهرت بنظريات المؤامرة التى أدت إلى تدمير دول ونشر الفوضى منها أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ويمكنه ضرب «واشنطن» وتهديد أمنها، وهو ما أثبتت السنوات الماضية أنه مجرد نظريات مؤامرة واهية وبعيدة تمامًا عن المنطق والحقيقة، وتحوّل الأمر من التصدى لأسلحة الدمار الشامل إلى غزو العراق، وإدخاله فى مرحلة من الفوضى والدمار لايزال يعانى منها شعبه حتى اليوم.