الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تقرير جديد: استهداف «نشطاء حماية البيئة»!

تقرير جديد: استهداف «نشطاء حماية البيئة»!
تقرير جديد: استهداف «نشطاء حماية البيئة»!


وسط الاهتمام الإعلامى الضخم بحرائق غابات الأمازون الاستوائية التى تنتج 20 % من الأكسجين الذى يستهلكه العالم فيما يعد واحدًا من أخطر الكوارث البيئية مؤخرًا، ظهر تقرير خطير يكشف عن المخاطر التى يتعرض لها النشطاء المدافعون عن حماية البيئة حول العالم، حيث أشار إلى أن هناك 1164 ناشطًا ماتوا فى ظروف غامضة أثناء قيامهم بحملات ضد حكوماتهم أو شركات خاصة لها مصالح على أرض بلادهم. التقرير صدر عن منظمة «جلوبال ويتنس» غير الهادفة للربح.
التقرير يرصد حوادث القتل التى وقعت خلال عام 2018 لناشطى البيئة حول العالم إلى جانب حوادث الاختفاء القسرى. لكن التقرير يؤكد فى الوقت نفسه أن تلك الأعداد لا تمثل الحقيقة الكاملة لما يتعرض له هؤلاء النشطاء من عنف إذ إن هناك أعدادًا كبيرة منهم يتعرضون للاعتقال وتهديدات بالقتل وغيرها بهدف إسكاتهم.
احتلت «الفلبين» المركز الأول بين الدول التى يعانى فيها نشطاء حماية البيئة من العنف إذ وصفتها الدراسة بأنها المكان الأخطر حول العالم لهؤلاء الأشخاص وتليها «كولومبيا» و«الهند» ثم «البرازيل». وأضافت الدراسة أنه فى بعض الحالات تكون الشرطة متواطئة مع الشركات بحيث يخشى المدافعون عن البيئة من الإبلاغ عما يتعرضون له من تهديدات بالقتل خوفًا من احتمالات القبض عليهم وهو ما يحدث ليس فقط فى «جواتيمالا» بل فى «الولايات المتحدة الأمريكية» و«بريطانيا»، وفقًا للتقرير.
ورغم أن حالات القتل تلك انخفضت عما كانت عليه عام 2017 فإن القائمين على إعداد التقرير يشيروا إلى أن تلك الأعداد لا ترسم صورة حقيقية لأوضاع المدافعين عن البيئة.فرغم هذا الانخفاض الملحوظ فإن العنف والتجريم أصبح واسع الانتشار ضد هؤلاء الذين يدافعون عن بلادهم بشكل خاص وعن البيئة التى تهم العالم أجمع أى أن الانخفاض فى أعداد الوفيات بين النشطاء يخفى وراءه واقعا أسوأ بكثير. فقد رصد شركاء منظمة «جلوبال ويتنس» فى «البرازيل» وغيرها من الدول ارتفاعا ملحوظا فى أشكال أخرى مما وصفوه بـ«الهجوم غير المميت» ضد نشطاء البيئة هناك.يذكر أن «البرازيل» تحديدًا تصدرت قائمة الدول الأكثر عنفًا ضد المدافعين عن حماية البيئة فى عام 2017 وهو ما يؤكد أن الحكومات والشركات المعادية لنشطاء البيئة بدأت فى تغيير سياسات الهجوم عليهم من القتل والإخفاء القسرى إلى العنف والتهديد والتجريم.
الأخطر أن أعضاء المنظمة الذين أعدوا الدراسة أعربوا عن شكوكهم فى أن الحرائق التى شهدتها البرازيل والتى تتركز جميعها فى حوض الأمازون ربما تكون متعمدة ويقف وراءها من يستفيد منها وهم نفس الأشخاص الذين يحاربون نشطاء البيئة بكل الوسائل منذ سنوات.. فى إشارة إلى احتمال أن يكون انخفاض أعداد الوفيات بين نشطاء البيئة فى البرازيل وهبوطها من المركز الأول فى الاعتداء عليهم عام 2017 إلى المركز الرابع عام 2018 ربما يكون مجرد تغير فى التكتيكات التى يتبعها هؤلاء واتخاذهم قرار اللجوء إلى اشعال الحرائق. وما يؤكد ذلك هو أن انخفاض أعداد وفيات المدافعين عن البيئة فى «البرازيل» واكبه ارتفاع مطرد فى الحرائق. فبينما اشتعل 40 ألف حريق فى البرازيل عام 2017 ارتفع العدد إلى 74 ألف حريق عام 2018 أى أن عدد الحرائق ارتفع بنسبة 83 بالمائة وذلك وفقًا لـ«المؤسسة الوطنية لأبحاث الفضاء» فى البرازيل. وجدير بالذكر أن عدد الحرائق التى اشتعلت العام الماضى يعد الأكبر منذ إنشاء تلك المؤسسة فى البرازيل.
الدراسة أشارت أيضًا إلى تطور خطير شهدته غابات الأمازون وهو ارتفاع معدلات إزالة الأشجار عام 2018 بنسبة 13 % عن عام 2017 وهو أعلى معدل خلال العقد الماضى. بالطبع تعددت آراء خبراء البيئة حول أسباب تلك الحرائق لكنهم جميعًا اتفقوا على أن الحكومة البرازيلية سمحت للمزارعين والشركات الكبرى بتدمير الغابات من أجل جنى الأموال على حساب سلامة البيئة التى لا تملكها الدولة بل هى ملكية عامة للعالم أجمع وأى عبث بالطبيعة أو إهمال لحماية البيئة من شأنه الإضرار بالعالم وليس دولة بعينها.
يذكر أن نشطاء البيئة دائمًا ما ينتقدون الرئيس البرازيلى اليمينى «بولسونارو» ويتهمونه بانتهاج سياسات تدمر الغابات حيث تراجعت عوامل الحماية البيئية التى كانت متبعة قبل توليه الرئاسة بالإضافة إلى إعطائه الضوء الأخضر لقاطعى الأشجار وعمال المناجم وأصحاب المزارع بطرد القبائل الأصلية المقيمة فى الغابات من أرضهم وتدمير النظام البيئى وذلك بحجة تشجيع النمو الاقتصادى.
«كريستيان بواريير» من «مؤسسة أمازون واتش» يرى أن المستفيدين من الغابات قد يكونون اتفقوا على تنظيم ما أسموه «يوم الحريق» لإشعال الحرائق بهذا الشكل غير المسبوق. بينما اتهم «كومى نايدو» المدير العام لمنظمة «امنستى» الحكومة البرازيلية بالتسبب فى تلك الحرائق بعد أن تبنت سياسة وصفها بالكارثية من خلال إفساح الطريق لتدمير الغابات وهو ما مهد للأزمة الحالية.
ومن جانبها أكدت «آن النكار» مدير «مؤسسة الأبحاث البيئية فى الأمازون» بالبرازيل أن تفاقم الحرائق جاء نتيجة إزالة الأشجار من مساحات واسعة من الغابات وهو ما أدى إلى زيادة نسبة الجفاف فى مناخ منطقة الأمازون بشكل خطير.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تم تسريب وثائق سرية تؤكد بالفعل خطة الحكومة البرازيلية لبناء بنية تحتية ضخمة من كبارى وطرق سريعة ومصانع هيدروكهربائية فى الغابات بهدف مواجهة الضغوط الدولية الرامية إلى حماية الغابات الأكبر فى العالم.. وهو ما قد يشير إلى احتمال صدق توقعات الخبراء وتحليلاتهم للحرائق الأخيرة.>