الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سيناريوهات «كابول» السرية فى المخابرات المركزية!

سيناريوهات «كابول» السرية فى المخابرات المركزية!
سيناريوهات «كابول» السرية فى المخابرات المركزية!


بعد 18 سنة من الحرب الشرسة، وشهور من المحادثات المباشرة، يبدو أن «الولايات المتحدة» على وشك الوصول إلى اتفاق سلام غير مسبوق مع حركة «طالبان» خلال الأيام المقبلة، من شأنه أن يؤدى إلى انسحاب القوات الأمرصيكية من «أفغانستان»، وهو ما جعل الإعلام الغربى يحتفى بتلك الأخبار. ولكن على صعيد آخر، فإن الخلاف حول شروط اتفاق السلام، إلى جانب الدور الغامض للحكومة الأفغانية فى المحادثات، وألاعيب وكالة المخابرات المركزية (CIA) يدعو إلى التشكيك فى جدوى السلام الدائم!!

كان المسئولون الأمريكيون بقيادة المبعوث الأمريكى «زلماى خليل زاد» قد التقوا مع قادة «طالبان» فى ثمانى جولات. وقد اكتسبت المفاوضات زخمًا على مدى الأشهر القليلة الماضية، مدفوعة جزئيّا بضغط من «واشنطن»، وذلك من أجل التوصل إلى اتفاق، بحلول 1 سبتمبر القادم. وخلال فترة المحادثات أصدر الطرفان (مسودة اتفاق) فى شهر مارس الماضى. ومنذ ذلك الحين، يعمل الطرفان على محاولة الانتهاء من شروطها، بما فى ذلك: «متى ستنسحب القوات الأمريكية؟»، و«متى سيدخل وقف إطلاق النار الدائم بين الطرفين؟». ويقال إن «الولايات المتحدة» تسعى أيضًا للحصول على تأكيدات من «طالبان»، بأنها لن تؤوى جماعات إرهابية أجنبية، مثل: تنظيم «داعش»، و«القاعدة»، وأنها سوف تشارك فى حوار مع الحكومة الأفغانية، بعد مغادرة القوات الأمريكية.
ومن جانبها، كانت حركة «طالبان» تلتقى بالقادة الأفغان منذ عام 2017، وإن كان بشكل غير رسمى، لأن الحركة التى تسيطر حاليًا على ما يقرب من نصف «أفغانستان»، تعتبر الحكومة الأفغانية نظامًا غير شرعى تابعًا للغرب، خاصة «الولايات المتحدة».
لم يتطرق أحد إلى تفاصيل الاتفاق، خاصة «خليل زاد»، الذى رفض فى يوليو الماضى الانخراط فى خبايا الاتفاقية، لكنه قال إن: «الاتفاق على مستقبل «أفغانستان» سيشمل قضايا مهمة لجميع أطراف النزاع، بما فى ذلك: المراجعات الدستورية، والحكومة المؤقتة، ووقف إطلاق النار، وحتى إذا كان ينبغى تسمية البلد «جمهورية أفغانستان الإسلامية»، أو «إمارة أفغانستان الإسلامية».
ولكنّ خبراء السياسة الأمريكيين المتخصصين فى الشأن الأفغانى كشفوا النقاب عن بعض النقاط التى شملتها المفاوضات، التى لم يتم نشرها والحديث عنها إعلاميًّا من قبل؛ إذ أكدوا أن الاتفاقية ركزت على أربعة عناصر مهمة للتوصل إلى اتفاق سلام، وهى:
• انسحاب القوات الأجنبية. إذ اتفق الجانبان على الانسحاب الكامل لعدد 14 ألف جندى أمريكى موجودين حاليًا داخل «أفغانستان»، وكذلك أى قوات أجنبية أخرى. لكنهم يختلفون بشأن الجدول الزمنى، فيقال إن «الولايات المتحدة» قدمت مهلة مدتها سنتان ونصف، بينما تصر حركة «طالبان» على تسعة أشهر فقط.
• ضمانات مكافحة الإرهاب. حيث وافقت «طالبان» على منع استخدام الجماعات الإرهابية لأفغانستان، لكن المفاوضين يختلفون حول كيفية تعريف مصطلحى «الإرهاب»، و«الإرهابى».
• الحوار الأفغانى. إذ حثت «واشنطن» الحكومة الأفغانية، وقادة «طالبان» على بدء محادثات رسمية حول كيفية حكم «أفغانستان» بعد الحرب، لكن الحركة ترفض التفاوض مع الحكومة، حتى بعد التوصل إلى اتفاق مع «الولايات المتحدة».
• وقف إطلاق النار الشامل. فيسعى المفاوضون الأمريكيون إلى وقف دائم لإطلاق النار بين «الولايات المتحدة»، و«طالبان» وقوات الحكومة الأفغانية، قبل إبرام اتفاق سلام، لكن «طالبان» تصر على تأجيل وقف إطلاق النار، حتى تنسحب القوات الأمريكية تمامًا.
ويذكر، أن حماية «حقوق المرأة»، هى أيضًا ضمن المطالب الضمنية للولايات المتحدة، رغم أنها لم يتم التعبير عنها رسميًّا فى مشروع الاتفاقية. ومن جانبهم، اعترف مفاوضو «طالبان» بحقوق المرأة، لكنهم قالوا إنهم يجب أن تكون متسقة مع المبادئ الإسلامية.
ورغم تفاؤل الخبراء الغربيين، فإن تقريرًا جديدًا من «مشروع تكاليف الحرب»، بمعهد «واتسون»، بجامعة «براون»، جادل بأن الاتفاقية لن تؤدى إلى «سلام حقيقى»، فى تقرير كان يدور حول «مصير الميليشيات الأفغانية الإقليمية».. وهى الميليشيات التى تدعمها، وتوجهها «وكالة الاستخبارات المركزية»، ولطالما كانت العنصر الرئيسى فى الحرب الأمريكية، لما أسماه «البيت الأبيض» (الحرب على الإرهاب) فى «أفغانستان»، والمنطقة الحدودية مع «باكستان». واكتسبت مشكلة تلك الميليشيات أهمية فى المحادثات بين الحكومة الأمريكية، وحركة «طالبان»، فى عنصر (انسحاب القوات الأمريكية من «أفغانستان»).
فبعد مرور عقدين تقريبًا، لا تزال وكالة (CIA) تدير تلك الميليشيات فى عمليات ضد «طالبان»، وغيرها من المتشددين الجهاديين. ويذكر، أن الميليشيات ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما فى ذلك العديد من عمليات القتل للمدنيين، خارج نطاق أرض المعركة. وكانت «واشنطن» قد اعتبرت هذه الميليشيات الأفغانية، فى البداية، حلًا مؤقتًا يمكن استخدامه لحل قضاياها داخل الأراضى الأفغانية، ولكنها أصبحت فى نهاية المطاف، أداة دائمة لعمليات سرية لـ«وكالة المخابرات المركزية» هناك. ويذكر، أن أسماء تلك المجموعات غير معروفة، فيما عدا مجموعة «Khost Protection Force»، أو «قوة حماية خوست».
ووصل عدد تلك القوات إلى 10 آلاف مسلح، وفقًا لجريدة «نيويورك تايمز» فى ديسمبر الماضى.
ومن جانبه، كان الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» قد وسع الدور شبه العسكرى لـ(CIA) فى «أفغانستان»، مستخدمًا تلك الميليشيات المحلية فى عدة عمليات، إذ قال وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو» فى مؤتمر أمنى فى «تكساس» بعام 2017، إن «ترامب» قد أذن لـ(CIA) بالمخاطرة، التى تجعلها أسرع، وأكثر عدوانية..وأنه من الضرورى فى كل دقيقة، أن تركز «واشنطن» على سحق أعدائها».
وبالعودة لتقرير معهد «واتسون»، فان: «تلك الميليشيات -المدعومة أمريكيًا- تعمل خارج سيطرة الدولة هناك، وستقوض عملية تشكيل الدولة، واحتمالات السلام الدائم».
وبالفعل، فليس واضحًا إلى أى مدى تمت مناقشة مصير هذه الميليشيات على الإطلاق من قبل مفاوضى «الولايات المتحدة»، أو «طالبان». كما أشار التقرير إلى عدم تطرق «بومبيو»، الذى كان مديرًا لـ«وكالة المخابرات المركزية» إلى تلك القضية.
وأضاف: «إذا لم تتم معالجة تلك القضية، فقد تؤدى إلى انهيار وقف إطلاق النار، أو الاتفاق، وهو أمر من شأنه أن يعرض مستقبل «أفغانستان» للخطر».
يخشى الكثيرون من أن يؤدى اتفاق السلام الفاشل إلى تفاقم القتال، وزيادة عدد القتلى المدنيين، خصوصًا أن «طالبان» نفذت هجمات طوال المفاوضات، وتعهدت باستهداف المشاركين المدنيين فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، قُتل أكثر من 45 ألف جندى، وضابط شرطة أفغانى. إذ وجد تقرير للأمم المتحدة، أنه فى الأشهر الستة الأولى من هذا العام، قُتل وأصيب 3812 مدنيًا، بينهم 1207 أطفال. موضحًا أن الحرب المستمرة ستؤدى إلى تفاقم إنتاج المخدرات غير المشروعة، ودفع المزيد من الأفغان إلى اللجوء للخارج.
فمنذ بدء الحرب فى عام 2001، قُتل أكثر من 2400 أمريكى، فيما أصيب نحو 20 ألف أمريكى. كما قتل أكثر من ألف ومائة جندى من قوات حلف الشمال الأطلسى «ناتو». كما كلفت هذه الحرب «الولايات المتحدة» 975 مليار دولار. علاوة على ذلك، ستكلف مدفوعات الرعاية الطبية والإعاقة للمحاربين القدامى، ما يقدر بنحو تريليون دولار على مدى الأربعين سنة القادمة، وفقًا لتقرير معهد «واتسون».
لذلك، فإن حجم وقوة قوات (CIA) يمكن أن يشكل مشكلة للحكومة الأفغانية، بعد محادثات السلام. فبالنسبة للميليشيات، قد يعنى الاندماج فى القوات المسلحة النظامية تخفيضًا كبيرًا فى الأجور، وفقدان الوضع المميز، الذى سمح لهم بالعمل إلى حد كبير دون شفافية، أو مساءلة قانونية. وعليه يشكك البعض فى نوايا الوكالة المخابراتية الأمريكية، بأنه لا يوجد ضمان يمنع إعادة توليد تلك العناصر من جديد كجيوش خاصة، أو حراس أمن لخدمة أفراد معينة، أو يعملون بشكل مستقل ضد المدنيين، أو المصادر التجارية، أو غير ذلك، وقت الحاجة الأمريكية.!!>