الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين الإدانات الدولية والنفى الإسرائيلى .. مقابر غزة الجماعية شاهد جديد على مجازر جيش الاحتلال

بَعد اكتشاف مقابر جماعية فى مدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة حفرتها قوات الاحتلال الإسرائيلى بعد توغلها فى المدينة لعدة شهور قبل أن تتراجع على أطرافها الشرقية، دفع سكان القطاع للخروج مسرعين لتفقد الجثث؛ حيث إن الكثير منهم فقدوا أبناءهم ولا يعرفون مصيرهم.



وخلال الأسبوع الماضى، وإلى الآن، تواصل فرق الدفاع المدنى الفلسطينى والأهالى عمليات انتشال عشرات الجثث؛ بل ربما المئات، إذ أعلن الناطق باسم الدفاع المدنى بغزة انتشال أكثر من 283 جثمانًا من مختلف الفئات العمرية بينهم العشرات من داخل مستشفى ناصر كانت دفنتهم قوات الاحتلال الإسرائيلى، فيما ظل نحو 500 شخص فى عداد المفقودين.. مؤكدًا أيضًا اختفاء 2000 فلسطينى فيما وصفه «بمجزرة خان يونس» الأخيرة.

وأضاف فى تصريح صحفى: «الاحتلال الإسرائيلى يجرف عشرات الجثث ويدفنها قبل انسحابه من أى منطقة فى القطاع والعدد الأكبر من ضحايا المقابر الجماعية واقتحام المستشفيات هم نساء وأطفال ومن المرضى والنازحين».

 جيش الاحتلال أعدم عشرات المرضى والكوادر الطبية

قام جنود جيش الاحتلال الإسرائيلى بتعرية عشرات المرضى والنازحين والكوادر الطبية قبل إعدامهم بدم بارد رميًا بالرصاص، كما أنهم قاموا بحفر مقبرتين جماعيتين داخل أسوار مجمع مستشفى ناصر الطبى بهدف إخفاء جرائمهم البشعة.. فيما يتوقع وجود 700 شهيد فى تلك المقابر الجماعية، وذلك وفقًا لمدير المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة إسماعيل الثوابتة.

وأكد «الثوابتة» فى بيان صحفى، أن مصير عشرات ممن كانوا فى مجمع ناصر لا يزال مجهولًا بعد انسحاب قوات جيش الاحتلال من مدينة خان يونس.

وقال الثوابثة: «وجدنا فى مجمع ناصر جثثًا دون رؤوس وأجسادًا دون جلود وبعضهم سُرقت أعضاؤهم».. مطالبًا بفتح تحقيق دولى لمعرفة أسباب تبخر وتحلل جثث بعض منهم، على حد تعبيره.

ويقول الطبيب الفلسطينى أحمد أبو مصطفى من مستشفى ناصر، إنهم وجدوا جثثًا بلا جلود وأخرى بلا أعضاء وبعضها بدون رؤوس، وإن إحداها تعود لأحد الكوادر الطبية، وقد تمكنوا من التعرف عليه من الزّى الذى كان يرتديه، وقد كان مقيد اليدين وكانت ملامحه مختفية، على حد قوله.

 اكتشاف مقابر جماعية أخرى

اكتشاف المقبرتين فى خان يونس ليس الأول من نوعه؛ حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية قبل عدة أيام فقط عن تفاصيل ما وصفته بـ«أفظع مجزرة» ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، بعد انتشال جثامين 30 شخصًا دُفنوا فى مقبرتين بمجمع الشفاء الطبى، وتحدثت الصحة عن جرائم بحق الإنسانية تكاد تكون الأبشع فى التاريخ بحق مجمع طبى.

وقالت الوزارة فى بيان سابق، إن إحدى المقبرتين أمام قسم الطوارئ والأخرى أمام قسم الكلى، وإنه تم اكتشافهما بعد عدة أيام من عمل الطواقم الحكومية المختصة؛ بحثًا عن جثامين الضحايا التى أخفاها جيش الاحتلال فى زوايا مجمع الشفاء الطبى، وتحت بقايا ركامه وأنقاضه.

هذا وقد تكرّر نفس المشهد تقريبًا فى مستشفى كمال عدوان الواقع فى بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة فى فبراير الماضى، حين تحدّث أطباء فى حينها عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلية التى اقتحمت المستشفى بحفر القبور وسحب الجثث ثم سحقوها بالجرافات بحسب وكالة فرانس برس.

 جيش الاحتلال ينفى «الاتهامات لا أساس لها من الصحة»

من جهته، نفى جيش الاحتلال الإسرائيلى ضلوعه فى دفن جثامين فلسطينيين، قائلاً: إن ذلك لا أساس له من الصحة.

وأشار إلى أنه وفى إطار البحث عن أماكن المختطفين والمفقودين، قام الجيش بعملية فى نطاق مستشفى ناصر؛ حيث تم اكتشاف جثث مدفونة بأيدى فلسطينيين.

ونوّه جيش الاحتلال إلى أنه فى نهاية فبراير، قامت قوات تابعة له بعملية محددة وموجّهة ضد حركة حماس فى نطاق مستشفى ناصر.

وأشار إلى أنه فى أثناء العملية، جرى اعتقال نحو 200 من عناصر حماس الذين كانوا موجودين فى المستشفى، كما تم العثور على أدوية كانت مخصصة للمختطفين الإسرائيليين ولم تكن قد استُخدمت، كما تمت مصادرة كمية كبيرة من الذخيرة.

 الصليب الأحمر يطالب بوقف شلال الدم فى غزة

أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هناك مزيدًا من الجثث تنتشر فى جميع أرجاء قطاع غزة، وهذا ما يدلل على أن الفاجعة لا تزال مستمرة وتتكشف جراء تلك الحرب المأساوية والتى لا بد أن تتوقف، ويجب وقف شلال الدم فى القطاع والسماح بالعمل بكل حرية للمؤسّسات الدولية والإغاثية والإنسانية، وفقًا لما قاله هشام مهنا المتحدث باسم اللجنة.

 حماس: الدعم الأمريكى لإسرائيل يشجعها على «المجازر»

فيما قالت حركة حماس من جانبها فى بيان لها، إن ما وصفته بـ«الجرائم المروعة التى يقترفها الجيش المجرم، وعمليات القتل بالجُملة للمدنيين العزل، من أطفال ونساء وشيوخ، فى المستشفيات، ومراكز وخيام الإيواء والنزوح، والأحياء السكنية؛ ما كانت لتتواصَل؛ لولا الدعم السياسى والعسكرى اللا محدود، والغطاء الذى تمنحه إدارة الرئيس الأمريكى بايدن، لهذا الكيان الفاشى».

وأضافت الحركة: إن «المقبرة الجماعية الجديدة التى تم اكتشافها فى مُجمّع ناصر الطبى، وتضم جثامين أكثر من خمسين شهيدًا من مختلف الأعمار، والذين تم إعدامهم بدم بارد، ومواراتهم بالجرافات العسكرية تحت تراب باحات المجمّع، والتى تُضاف إلى العديد من المقابر الجماعية التى تم العثور عليها؛ خصوصًا فى باحات المستشفيات؛ تؤكّد من جديد حجم الجرائم والفظائع التى يرتكبها جيش الاحتلال الصهيونى».

 إدانات مصرية ودولية

وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية، إنه من المؤسف والمشين أن يستمر انتهاك القانون الدولى والقيم الإنسانية بهذه الفجاجة فى القرن الحادى والعشرين، على مرأى ومسمع من جميع دول العالم والمنظمات الدولية المعنية ومجلس الأمن.. جاء ذلك فى معرض تعليقه على اكتشاف مقابر جماعية لفلسطينيين بأحد المجمعات الطبية فى خان يونس بقطاع غزة.

وأدان السفير «أبو زيد» الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى فى قطاع غزة، والتى تطال المدنيين العزل والنازحين والأطقم الطبية.. مجددًا التأكيد على ضرورة التدخل الفورى من قبَل المجتمع الدولى لوقف هذه الانتهاكات، وإجراء التحقيقات اللازمة للمساءلة ومحاسبة مرتكبيها.

وأضاف: إن ما تشهده الضفة الغربية من عمليات قتل وتدمير وعنف على مدار الأسابيع الماضية لا يقل فجاجةً وخطورةً، ويزيد من تفاقم الأزمة ويهدد بتفجر الأوضاع فى كامل الأراضى الفلسطينية المحتلة.. مطالبًا بضرورة وضع حد فورى للعنف والاعتداءات التى يقوم بها المستوطنون تحت حماية القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومنازلهم فى الضفة الغربية.

فيما دعا الاتحاد الأوروبى الأربعاء الماضى، إلى إجراء تحقيق مستقل بشأن التقارير عن اكتشاف مقابر جماعية فى مستشفيين فى قطاع غزة دمرتهما القوات الإسرائيلية.

وقال الناطق باسم الاتحاد الأوروبى بيتر ستانو «إنه أمر يجبرنا على الدعوة إلى تحقيق مستقل فى جميع الشبهات والظروف نظرًا إلى أنه يخلف انطباعًا بالفعل بأن انتهاكات لحقوق الإنسان قد تكون ارتكبت (هناك)».

يأتى ذلك بعدما طلب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء الماضى إجراء تحقيق دولى فى المقابر الجماعية المكتشفة فى مجمع «الشفاء» ومجمع «ناصر».. واصفًا تدمير أكبر مجمعين طبيين فى قطاع غزة بالـ«مرعب».

وأضاف مكتب حقوق الإنسان، إنه يعمل على التحقق من صحة تقارير المسئولين الفلسطينيين التى تفيد بالعثور على 283 جثة فى مستشفى «ناصر» و30 جثة فى «الشفاء» بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منهما.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان فولكر تورك فى بيان الثلاثاء الماضى، إنه «يشعر بالذعر» من تدمير المستشفيين والتقارير عن وجود مقابر جماعية فيهما.. مشددًا على الحاجة إلى «تحقيقات مستقلة وفعالة وشفافة» فى هذه الوفيات وفى «المناخ السائد من الإفلات من العقاب».

وقالت رافينا شامداسانى المتحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان: «نستشعر ضرورة دق ناقوس الخطر لأن من الجلى أنه تم العثور على العديد من الجثث».

وأضافت: «بعضها مقيد اليدين، وهو ما يشير بالطبع إلى انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى، ويتعين إجراء المزيد من التحقيقات بخصوص تلك (الانتهاكات)».

وتابعت: إن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يعمل على التحقق من صحة تقارير المسئولين الفلسطينيين التى تفيد بالعثور على 283 جثة فى مستشفى «ناصر» و30 جثة فى «الشفاء».

كما ندّد فولكر تورك، فى كلمة أمام الأمم المتحدة ألقتها شامدا سانى نيابة عنه، بالضربات الإسرائيلية على غزة فى الأيام القليلة الماضية والتى قال إن معظم قتلاها من النساء والأطفال.

وكرّر أيضًا تحذيره من اجتياح واسع النطاق لرفح قائلا: إنه قد يؤدى إلى «المزيد من الجرائم البشعة».

فيما قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى بالبيت الأبيض، الأربعاء الماضى، إن مسئولين أمريكيين يجرون اتصالات مع نظرائهم الإسرائيليين بشأن التقارير المزعجة للغاية عن العثور على مقابر جماعية داخل مجمع ناصر الطبى فى خان يونس بقطاع غزة.

وأضاف «سوليفان» فى مؤتمر صحفى، الأربعاء الماضى: «تلك التقارير مزعجة للغاية.. لقد كنا على اتصال بمستويات متعددة مع الحكومة الإسرائيلية. نريد إجابات، نريد أن نفهم بالضبط ما حدث».