الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«روزاليوسف» السيدة التى عمرها خمسة آلاف عدد!

قبل مائة عام بالضبط، اعتزلت الفنانة «روزاليوسف» المسرح بعد خروجها من فرقة رمسيس التى يملكها ويديرها وبطلها ومخرجها الفنان الكبير «يوسف وهبى»! وفوجئت السيدة «روزاليوسف» بـ«يوسف وهبى» يقول: إذا خرجت الممثلة الأولى «روزاليوسف» من مسرح «رمسيس» فسوف ينسى الناس اسمها بعد شهر واحد!



 

وربما فى تلك الأيام قررت السيدة «روزاليوسف» أن تصدر مجلتها مهما كانت الصعوبات والتكاليف، وفى جلسة ضمت أصدقاءها من الصحفيين والأدباء والفنانين طرحت فكرتها وأصرت على تحقيقها، ثم برزت مشكلة اسم المجلة، ووسط سخرية أصدقائها واعتراضهم قالت: ولماذا لا أسميها باسمى «روزاليوسف»؟! ولم تتحقق نبوءة «يوسف بك وهبى» بأن ينسى الناس اسم «روزاليوسف» طوال كل هذه السنوات - 99 سنة - وبقيت «روزاليوسف» ملء السمع والبصر حتى صار عمرها خمسة آلاف عدد بهذا العدد الذى بين يديك!

كان اسم «روزاليوسف» مشكلة فى حد ذاته، ولم يكن من الطبيعى أن تصدر مجلة باسم امرأة حتى لو كانت مجلة «فنية أدبية» فما بالك وقد أصبحت المجلة السياسية الأولى فى ذلك الوقت.

ويعترف بذلك الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ «محمد التابعى» الذى شارك السيدة «روزاليوسف» إصدار المجلة حتى خلافه معها سنة 1934 فيقول:

وكانت شيئًا غريبًا أن تحمل مجلة، ومجلة سياسية بالذات، اسم سيدة، وسيدة معروفة، فكانت الصعوبات التى تواجهنا نحن، كيف نحمل القراء على أن ينسوا أن هذا اسم سيدة وأن يأخذوا كلام المجلة على محمل الجد، وكانت هذه أكبر صعوبة واجهتنا فى أول الأمر!

واعترف لى الأستاذ «مكرم عبيد» - سكرتير الوفد - أنه كان حريصًا على قراءة مجلة «روزاليوسف»، ولكنه كان يستحى من قراءتها أمام الناس فكان يضعها داخل جريدة يومية ويقرؤها!

تفاصيل أكثر إثارة ترويها السيدة «روزاليوسف» فى ذكرياتها الصحفية.

وكانت فى زمن إسماعيل صدقى باشا تعطلت مجلتها لأجل غير مسمى، مما دعاها لإصدار مجلات أخرى صودرت أيضا، فتقول:

«ارتفعت نغمة قديمة طالما وجدت طريقها إلى سمعى، ومضمون هذه النغمة فى الموقف الذى نحن فى صدره إن اسم المجلة - وهو اسمى بالطبع - فيه ما يعزى الحكومة باضطهادها، وفيه ما لا يبعث على احترامها لأن العرف الصحفى فى مصر لا يحفظ فى سجلاته اسم صحيفة تحمل اسم السيدة التى تصدرها!

عجبت لأن اسم مجلتى هذه كان دائمًا سببًا فى إثارة مناقشات عنيفة بينى وبين من كان يحاول إقناعى باستبدال اسم «روزاليوسف» المجلة باسم جديد، ففى أول عهد دخول المجلة فى عالم السياسة ومناصرة الوفد ورجاله جاءنى من يحمل إلىّ أن الوفد معجب بالمجلة وخطتها، ولكنه لا يود أن يعترف بها ضمن الصحافة الوفدية لأنها تحمل اسم «سيدة»!

وخوطبت فى الموضوع نفسه من الأستاذ «مكرم عبيد» والأستاذ «محمود فهمى النقراشى» عن طريق غير مباشر، حتى صديقى الأستاذ «التابعى» كان يتحدث فى الموضوع عن نفسه، كلما تجاذبنا الحديث فى شأن تكبير حجم المجلة ووضع مشروعا جديدا لتوسيع الأفق الذى يجب أن تعمل فيه»!

فى وقت مبكر جدا، قررت السيدة «روزاليوسف» أن تستجيب لطلب وإلحاح ابنتها الصغيرة «ميمى»- آمال طليمات- التى كانت تستمع بشغف إلى ذكريات أمها وهى تستعيد هذه الذكريات والأحداث مع زملاء ومحررى المجلة.

وفى عدد 21 فبراير سنة 1938 فوجئ القراء ببرواز صغير بعنوان «من مذكراتى» جاء فيه: «ابتداء من العدد القادم تبدأ السيدة «روزاليوسف» بنشر مذكراتها الطريفة عن حياتها الصحفية، وسوف يرى القراء صفحات رائعة مليئة بما يثير فى نفوس القراء حاسة الشغف بتتبع حلقاتها»، وبدأت المجلة النشر تحت عنوان «من ذكرياتى الصحفية» واستغرقت الحلقات 21 حلقة.

ظلت هذه الذكريات مجهولة تماما، ولم تنشر فى كتاب حتى أعادت المؤسسة نشرها- من إعدادى- فى سلسلة تراث «روزاليوسف».

وفى عام 1953 عادت السيدة «روزاليوسف» لتكتب مذكراتها التى نشرت فى كتابها «ذكريات» وكان الجزء الأول عن أيام الفن» والثانى كان عن «أيام الصحافة» وفى نهاية هذا الجزء تعترف السيدة فاطمة اليوسف: «أحب أن أعترف بأنى لم أكتب فى هذه الذكريات كل شىء، وبأن ما تركته منها كثير ومن يدرى؟! لعل الظروف فى المستقبل تتيح لى أن أعود إلى هذا الحديث أو لعلى أترك هذه البقية ليكتبها لكم «إحسان».

ويكتب «إحسان عبدالقدوس» مقدمة جريئة ومثيرة يكشف فيها بعض الجوانب التى لم تتناولها «روزاليوسف»، فيؤكد أن هذه الذكريات ناقصة.. ناقصة إلى حد كبير».

ولعل هذا النقص هو ما حاول إحسان أن يستكمله من حين لآخر فى بعض مقالاته فى مناسبة أعياد صدور المجلة فى أكتوبر من كل عام.

وفى إحدى هذه المقالات كتب يقول: كان المفروض أن أكتب على هذه الصفحة قصة أمى السيدة «روزاليوسف»، القصة التى لا يعلمها بعد الله إلا اثنان من الأحياء: السيدة «روزاليوسف» وأنا.. قصة الفتاة الصغيرة التى لم تتجاوز السابعة من عمرها التى استقرت فى مصر لتمزج دمها بترابها وتخط بأناملها الرقيقة على صفحات التاريخ خطوطًا ستبقى ما بقى التاريخ.

ولكن السيدة «روزاليوسف» رفضت- وهى صاحبة الحق الأول- ووعدتنى كما اعتادت أن تعدنى كل عام، أن تسمح لى بكتابة قصتها فى العام الذى يليه وفى مثل هذه المناسبة- مناسبة دخول المجلة فى عامها الجديد.

السيدة التى كانت أيامها كلها حربًا انتصرت فيها موقعة بعد موقعة، ولم يكن لها من سلاح إلا العناد، السيدة التى ربحت كثيرا حتى وصلت إلى المليون وخسرت كثيرا حتى باعت «مصاغها» فلم يؤثر فيها ربح أو خسارة.

ظلت محتفظة دائمًا بشباب أعصابها ونضرة أيامها وقوة آمالها، السيدة التى تصل فى الصباح إلى مكتبها لتحاسب «النحاس» و«النقراشى» و«صدقى»- رؤساء الحكومات- ثم تعود إلى منزلها لتحاسب الطباخ و«تشقر» على الفراخ! وتشترك فى تقشير البصل وتخريط الملوخية!

إنها مجموعة من المتناقضات تؤلف شخصية فريدة وتاريخًا لم نسمع عنه بين سيدات العالم.

كانت والدتى تخاف علىّ من المنصب المبكر، وكانت تخاف علىّ من أن صل إلى هذا المنصب لأنى ابنها، لا لأنى أستحقه، فكانت تتعمد أن تمرمطنى وتتعمد أن تقنع كل من يعمل بالمجلة أنى لا شىء ولن أكون شيئا، كانت تشتمنى وتضربنى أمام المحررين، فقد طردتنى مرة من العمل وأنا متزوج وصاحب أولاد، وتعمدت أيامها أن أكتب فى صحف أخرى لأقنع والدتى بأنى أساوى شيئا وأن جميع الصحف ترحب بى وتسعى ورائى وتعمدت والدتى أن تقنعنى بأن من يكتب فى صحف أخرى لا يصلح للعمل فى «روزاليوسف»!

إلى أن كتبت مقالاً فى «روزاليوسف» أهاجم فيه اللورد «كيلرن» - المندوب السامى البريطانى - وصودرت المجلة بسبب هذا المقال وقبض علىّ ودخلت السجن لأول مرة وخرجت من السجن رئيسًا للتحرير!

ولا أدرى حتى اليوم هل عينتنى السيدة والدتى رئيسًا للتحرير لأننى حركت لديها عاطفة الأمومة بدخولى السجن أم لأنى كنت قد «استويت» وأصبحت أستحق هذا المنصب».

كانت السيدة «روزاليوسف» فى غاية الشجاعة عندما اعترفت أنها لم تكتب كل شىء فى ذكرياتها، لقد عاشت 33 عامًا من سنة 1925 وقت صدور المجلة وحتى وفاتها سنة 1958 وهى فى معارك سياسية وصحفية لا تنتهى دفاعا عن حرية الرأى.

وكما اعترفت فى حوار صحفى نادر للأستاذ «عبدالتواب عبدالحى» أن قصة كفاحى طويلة ورهيبة، ولو وجدت الوقت الذى أحكيها لك فيه، لما وجدت أنت الورق الذى تكتب عليه سطورها، صادروا مجلتى حتى كانت تصدر عددا وتصادر خمسة أعداد وقاومت، أغرونى بالمال وعذبونى بالتهديد وقاومت، أرسلونى فى نزهات كثيرة إلى النيابة العمومية أحيانا، وإلى سجن مصر وقاومت!

لقد كتبت مسحة عابرة من قصة كفاحى فى ذكريات، أما بقية القصة فما زالت فى قلبى مختلطة بدمى، وأملى أن أكمل القصة يومًا أو يكملها بعد أن أصبح ذكرى ابنى إحسان».

وبعيداً عن كتاب «ذكريات» فهناك مقالات أكثر أهمية حرصت فيها السيدة «روزاليوسف» على رواية أحداث مهمة لم تتناولها فى كتابها.

لقد فشلت كل محاولات إسكات صوت «روزاليوسف» رغم حروب المصادرة والإيقاف، وقاومت «روزاليوسف» كل أشكال الحروب التى مورست ضدها فى زمن كل الحكومات بدون استثناء!

ومع أول يوم لتشكيل حكومة «محمد محمود باشا» تقول «روزاليوسف»:

استدعانى بالتليفون الدكتور «فريد رفاعى» مدير إدارة المطبوعات فذهبت إليه فى مكتبه وقابلنى بلطفه، وبعد أن قدم لى دروس الوعظ فيما يجب أن يكون عليه الصحفى فى زعمه، طلب إليّ ألا أتورط فى مهاجمة الوزارة الجديدة لأنها وزارة قوية ستأتى بالعجائب وأن أول عجائبها تعطيل البرلمان لمدة شهر ابتداء من اليوم ونصحنى بأن أمسك العصاية من الوسط وأن القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود!

وأشار إلى «الدواة» المملوءة بالحبر الأسود، فنظرت إلى الحبر ثم إلى وجهه وصارحته بأن لا شىء يستطيع أن يغير بى من عقيدتى وأننى سأناصر «النحاس» باشا مادمت أعتقد أنه على حق.

وانصرفت وأنا أفكر فى هذا الرجل العجيب، لقد كان يحادثنى منذ أسبوعين فى فضائل «النحاس باشا» ويهنئنى على خطتى التى أسير عليها فى مناصرة الوفد!

وانطلقت إلى إدارة المجلة أطالب الزملاء المحررين بأن يشتدوا فى حملتهم على الوزارة».

وهكذا صدر العدد 134 الذى تمت مصادرته، واهتزت مصر كلها لهذا الحادث وانبرت الصحف الوفدية تدافع عن «روزاليوسف» التى لم تكن حتى ذلك الوقت قد تعرفت أو قابلت على مصطفى النحاس باشا أو مكرم عبيد.. من كبار زعماء الوفد!

وتمضى «روزاليوسف» فتروى هذه الواقعة الغربية والعجيبة!

«أرادت الوزارة أن تجرب مع «روزاليوسف»» سلاحاً آخر فزارنى يومًا موظف كبير فى الداخلية يعرض عليّ أموال الحكومة فى نظير تخفيف الحملة على «محمد محمود» وحكمه المطلق ولكننى رفضت!

ثم تبين أن الموظف الكبير ظل يقبض مبلغًا شهرياً بدعوى أنه يوصله إلينا، وكان «محمد محمود» يعجب حين يعرف أن النقود تدفع، فى حين أن المجلة ماضية فى عنفها، فطرده شر طردة!

وقد التقيت يوما بالمرحوم محمد محمود.. وهو رئيس للوزارة سنة 1939 قبل وفاته بعام واحد فذكرنى بهذه الحكاية ضاحكاً!!

وتكمل «روزاليوسف»: كانت الوزارة لا تصادر المجلة إلا بعد أن يتم طبع جميع النسخ حتى تكون خسارتها المالية كبيرة.

ولم تكن الحكومة هى من تحارب «روزاليوسف» بل المندوب السامى البريطانى فتقول: «كنت أجلس فى مكتبى بالجريدة حين فوجئت بزيارة من أحد تجار الورق ومعه زميل صحفى كبير وكان تاجر الورق هذا هو الذى يبيعنى ورق الجريدة والمجلة فحسبت أنه جاء يطالبنى بنقود جديدة فلم يكد يدخل عليّ الحجرة حتى صحت فيه: ألم أدفع لك نقودك منذ أيام؟!

وضحك التاجر والصحفى وقال التاجر بالعكس إننى لم آت لأطلب منك نقوداً وطلب أن يختلى بى هو وصاحبه الصحفى لأن لديه حديثًا سرياً مهمًا، فلما خلوت بهما بدأ التاجر يعاتبنى على الحملات التى تشنها «روزالويسف» على الوزارة ويؤكد لى أنه لا يوجد أى مبرر لأن انفرد أنا بهذه الحملة دون سائر الصحف، ثم قال لى ببساطة أن دار المندوب السامى البريطانى تعرض عليّ أن تدفع لى خمسة آلاف جنيه دفعة أولى ثم ألفى جنيه شهرياً لمدة طويلة إذا أوقفت الحملة نهائياً على الوزارة!!

واستفزنى هذا العرض ولكن شعور الدهشة عندى طغى على شعور الاستفزاز ورفضت العرض طبعاً وناقشت الزائرين طويلا وقلت إن هذا يؤيد الرأى الذى تدعو إلى «روزاليوسف» من أن هذه الوزارة- وزارة نسيم باشا- صنيعة الإنجليز!! وخرج الزائران وسمع الأستاذ العقاد أطرافاً من الحديث من حجرته المجاورة فلما خرجت سألنى: الجماعة دول عايزين إيه؟! فرديت له القصة ضاحكة وقال العقاد: أنا كنت عارف إنك حترفضى ثم أبدى رأيه فى الزميل الصحفى بصراحة بالغة!!

 

قبل رحيل السيدة «روزاليوسف» بأربع سنوات حرصت فى عيد ميلاد المجلة- أكتوبر سنة 1954 أن تقدم للقراء كشف حساب بالأرقام والإحصائيات المسجلة وقتها فى دفاتر «روزاليوسف» وفى دفاتر الدولة- كما تقول - واختارت لمقالها ثلاثة عناوين من نار كان العنوان الأول (638000) (ستمائة وثمانية وثلاثون) ألف نسخة تصادرها الحكومة!

والعنوان الثانى: تعطيل «روزاليوسف» 134   شهرا ونصف الشهر!

والعنوان الثالث 146 ألف جنيه (مائة وستة وأربعين ألفًا) على أقل تقدير فى ذمة الدولة.

وفى نفس المقال، روت «روزاليوسف» بعض كواليس تلك الفترة من مصادرات وإيقاف المجلة لفترات متفاوتة وكتبت تقول:

فى 13 أكتوبر 1948 كانت حكومة السعديين فى الحكم، وكانت أوامر الرقيب العام تقضى بأن ترسل العشرة نسخ الأولى بعد ابتداء الطبع إلى الرقابة، وكانت نسختان من هذه النسخ العشر ترسل من الرقابة إلى السراى ليطلع عليها الملك السابق «فاروق» شخصياً، وأرسلنا النسخ العشر الأولى من العدد (1061) ونحن مطمئنون، فقد كان الرقيب قد وافق ووقع على كل ما جاء فيه وأخذنا فى الطبع وبعد أن تم طبع (12300) اثنى عشر ألفًا وثلثمائة نسخة إذا برجال البوليس يحاصرون المطبعة ويوقفون الطبع ويحجزون النسخ التى تم طبعها!

وذهبنا إلى الرقيب العام وكان يقوم بأعماله المرحوم «عبدالرحمن عمار» نسأله عن سبب هذه الضجة، فعرض علينا النسخة التى أطلع عليها «فاروق» وقد أشر عليها شخصياً وبخط يده: تحذف صورة الغلاف!

وكانت الصورة لسماحة مفتى فلسطين وعلى رأسه أعضاء حكومة فلسطين وعرفنا يومها أن الملك يحارب الحكومة الوليدة، وعبثا حاولنا أن نلغى أمر الملك، فقد كان من المستحيل أن يناقش «فاروق» فى أمر أصدره!

وأخيراً اتفقنا مع الرقيب العام على تمزيق صورة الغلاف وجئنا بمائة عامل أخذوا يمزقون الأغلفة، وصدرت «روزاليوسف» بعد موعدها بيومين ممزقة الغلاف.. هل حدث هذا من قبل فى تاريخ الصحافة!

وحكاية أخرى تقول فيها «روزاليوسف»:

فى 12 أكتوبر 1951 صادر البوليس 42 ألف نسخة من العدد 1216 بعد  خروجها من المطبعة، فقد صودرت فى المحطات ومن أيدى الباعة ورفعنا الأمر إلى المحكمة فألغت قرار المصادرة وأفرجت عن العدد وذهبنا نتسلم الأعداد المصادرة من دار المحافظة فتسلمناها بعد يومين ناقصة خمسة آلاف نسخة، وكان من بينها عشرة آلاف نسخة ممزقة الأغلفة نتيجة الإهمال، فاضطررنا إلى طبع عشرة آلاف غلاف آخر وبيع العدد بعد أربعة أيام!

وفى 19 أكتوبر 1951 صادر البوليس فى الساعة الثانية من صباح يوم الاثنين 42 ألف نسخة من العدد 1217 وألغت المحكمة أمر المصادرة بعد نزع الصفحة التى تحمل مقال رئيس التحرير ومعها الصفحة رقم 16، وكما هى العادة أحضرنا عشرات العمال أخذ كل منهم يمزق بيديه الصفحات، وفى هذه المرة اتخذ البوليس إجراء عجيبا فى منتهى التعسف، فقد أصر على إحراق الصفحات المنزوعة فى فناء المطبعة، وعبثا حاولنا إقناع أولى الأمر بأن إشعال النار فى هذا المكان الضيق قد يؤدى إلى اشتعال النار فى الدار كلها، ولكن البوليس أصر على إجرائه واضطررنا لإبلاغ بوليس المطافى لنتخذ للأمر احتياطه»!

ومهما طال الكلام عن السيدة الأسطورة «روزاليوسف» فهو قليل ويكفى أن استعير كلمات الأستاذ محمد حسنين هيكل عند زيارته لمجلة «روزاليوسف» منذ سنوات وقوله:

الشخصية الخارقة للعادة التى أعطت لهذه المؤسسة اسمها وكانت بالفعل بانية صرحها وصانعة تاريخها ومحركة دورها وملهمة تأثيرها فى حياتنا العامة».

وكل خمسة آلاف عدد و«روزاليوسف» طيبة وبخير.