الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رغم الدعم الغربى فشل الهجوم الأوكرانى المضاد .. المساعدات التى لم تؤت ثمارها

منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» فى فبراير 2022، لم تتوان الدول الغربية فى مساندة «كييف» فى مواجهة «موسكو»، عبر تكثيف الغرب- بقيادة «الولايات المتحدة» المساعدات العسكرية بشكل كبير لأوكرانيا على أمل الانتصار أمام القوات الروسية؛ إذ قام العديد من الحلفاء الغربيين بتزويد القوات الأوكرانية بأسلحة فتاكة لأول مرّة. فمع تطور المواجهات العسكرية على الساحة «الروسية- الأوكرانية»، التى مرّت بمراحل مختلفة لأكثر من عامين، تطورت- أيضًا- أنواع الأسلحة المقدمة. فقبل الهجوم الأوكرانى المضاد الذى بدأ فى عام 2023، كان تركيز الغرب ينصَبُّ على تزويد «أوكرانيا» بالقدرة على الدفاع عن أراضيها، وتمكينها من استعادة الأراضى الواقعة تحت السيطرة الروسية؛ حيث تزايدت المخاوف الغربية- خلال تلك الفترة- من أن يؤدى توفير أسلحة أكثر تطورًا على نحو متزايد إلى تصعيد الصراع.



ومع ذلك، اختلفت الصورةـ كليًا- حينما قرر الغرب تسليح القوات الأوكرانية بأسلحة متطورة عسكريًا وتكنولوجيًا حينما قررت «كييف» تنفيذ هجوم مضاد فى منتصف عام 2023.

وبشكل عام؛ أوضح موقع أبحاث «ستاتيستا»، أن «الولايات المتحدة، وألمانيا، والمملكة المتحدة، والدنمارك» كانوا من أكبر موردى المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

 الدعم العسكرى الأمريكى لأوكرانيا

منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى فبراير 2022، أصبحت «أوكرانيا» أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية، إذ صارت «الولايات المتحدة»، هى أكبر مقدم للمساعدات العسكرية لها.

وكان أحدث محاولة لدعم «كييف»، ما أعلنته الإدارة الأمريكية فى 12 مارس الماضى، أنه تمت الموافقة على حزمة مساعدات عسكرية استثنائية بقيمة 300 مليون دولار؛ بينما لا يزال مشروع قانون الطوارئ لتأمين 60 مليار دولار من التمويل المستقبلى لأوكرانيا قيد النظر فى الكونجرس.

على كلٍ؛ ذهب قدرٌ كبيرٌ من المساعدات نحو توفير أنظمة الأسلحة، والتدريب، والمعلومات الاستخبارية، التى يحتاجها القادة الأوكرانيون لمواجهة «روسيا»، التى تمتلك واحدًا من أقوى الجيوش فى العالم. 

وبلغ إجمالى حجم المساعدات الثنائية التى التزمت بها «واشنطن» تجاه «كييف» فى الفترة (من 24 يناير 2022، إلى 15 يناير 2024)، 74 مليارًا و300 مليون دولار، من بينها دعم عسكرى شامل بقيمة 46 مليارًا و300 مليون دولار، أى ما يقدر بنسبة 62 %، من بينها: مساعدة أمنية بقيمنة 18 مليارًا و300 مليون دولار، أى بنسبة 25 %؛ شملت التدريب، والمعدات، والأسلحة، والدعم اللوجستى، وغيرها من المساعدات؛ إلى جانب من 23 مليار و500 مليون دولار (32 %) للأسلحة والمعدات من مخزونات وزارة الدفاع الأمريكية، والمقدمة من خلال عمليات السحب الرئاسية؛ بالإضافة إلى المنح والقروض للأسلحة والمعدات بقيمة 4 مليارات و500 مليون دولار (6 %)، المقدمة من خلال برنامج التمويل العسكرى الأجنبى الأمريكى؛ ناهيك عن الدعم المالى بقيمة 26 مليار و400 مليون دولار (35 %)، والدعم الإنسانى بمليار و600 مليون دولار (2 %).

من جانبه، أوضح موقع أبحاث «ستاتيستا» أن «الولايات المتحدة» سلمت منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، نحو مليونى و100 ألف قذيفة مدفعية إلى «أوكرانيا» حتى 19 فبراير 2024. 

وأضاف إن «واشنطن» نقلت إلى «كييف» أكثر من 440 مليون طلقة من الأسلحة الصغيرة.. مؤكدًا أن قيادة النقل الأمريكية، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، أرسلت- فى المجمل- 1600 رحلة جوية، وأكثر من 90 سفينة، وأكثر من 140 قطارًا، وأكثر من 11 ألف شاحنة إلى الأراضى الأوكرانية خلال العملية العسكرية الروسية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففى صيف عام 2023، وافقت «الولايات المتحدة» على السماح لحلفائها الأوروبيين بتزويد «أوكرانيا» بطائرات (إف- 16) أمريكية الصنع. وكان من المتوقع أن تتم عملية النقل الأولى لهذه المقاتلات المتقدمة فى منتصف عام 2024. 

كما وافقت الإدارة الأمريكية الحالية- بعد عامين من الحرب- على تزويد «أوكرانيا» بقائمة طويلة من القدرات الدفاعية، بما فى ذلك: دبابات (أبرامز) القتالية، والصواريخ المضادة للطائرات، وسفن الدفاع الساحلية، وأنظمة المراقبة، والرادار المتقدمة. 

وفى يوليو 2023، أثارت إدارة «بايدن» بعض الجدل بالموافقة على تزويد «أوكرانيا» بالذخائر العنقودية، التى تحظرها معظم الدول، بسبب الخطر الذى يمكن أن تشكله مكوناتها غير المنفجرة على المدنيين بعد سنوات عديدة من استخدامها.

المساعدات العسكرية البريطانية

أمّا «المملكة المتحدة» فتعد إحدى الدول المانحة الرئيسية لأوكرانيا، إلى جانب «الولايات المتحدة»، و«ألمانيا». 

وتعهدت «المملكة المتحدة» بتقديم ما يقرب من 12 مليار جنيه إسترلينى كدعم إجمالى إلى «أوكرانيا» منذ فبراير 2022، منها 7 مليارات و100 ألف جنيه إسترلينى مخصصة للمساعدة العسكرية، تم توفير مليارى 300 مليون جنيه إسترلينى فى كل من السنتين الماليتين 2022-2023، و2023-2024. 

وفى 12 يناير 2024، أعلنت الحكومة البريطانية عن تمويل إضافى بقيمة مليارين و500 مليون جنيه إسترلينى لعام 2024-2025. 

وتقدم «المملكة المتحدة» - بالفعل - أسلحة فتاكة وغير فتاكة، بما فى ذلك: الدبابات، وأنظمة الدفاع الجوى، والصواريخ الهجومية الدقيقة بعيدة المدى. 

كما تستضيف «المملكة المتحدة»- أيضًا- برنامجًا تدريبيًا يدعمه العديد من الحلفاء. وتم تدريب أكثر من 30 ألف أوكرانى حتى الآن، ويهدف إلى تدريب 10 آلاف آخرين بحلول منتصف عام 2024.

 دور حلف (الناتو) و«الاتحاد الأوروبى»

كان حلف شمال الأطلسى (ناتو) واضحًا فى دعمه لأوكرانيا، ويدعم بشكل كامل تقديم المساعدة العسكرية الثنائية من قبل الحلفاء الأفراد. 

فعلى سبيل المثال، فى قمة رؤساء الدول والحكومات، التى انعقدت فى العاصمة الإسبانية «مدريد» فى نهاية يونيو 2022، اتفق حلفاء (الناتو) على حزمة جديدة من المساعدة لأوكرانيا، التى من شأنها أن توفر دعمًا مستدامًا وطويل الأمد. وتم اعتماد هذا البرنامج المتعدد السنوات فى قمة «فيلنيوس» فى يوليو 2023. 

وبشكل عام، يساعد (الناتو) فى تنسيق طلبات المساعدة من الحكومة الأوكرانية، ويدعم إيصال المساعدات، رغم أن «أوكرانيا» ليست عضوًا فى الحلف، وهو السبب نفسه الذى دفع قوات الحلف إلى استبعاد فرض منطقة حظر جوى فوق «أوكرانيا»، لأن ذلك من شأنه أن يضع «روسيا» فى صراع مباشر مع قوات حلف شمال الأطلسى.

من جانبه، يقدم «الاتحاد الأوروبى» الأسلحة، والتدريب، من خلال مرفق السلام الأوروبى التابع له. 

وللمرة الأولى وافق «الاتحاد الأوروبى» فى تاريخه على توريد أسلحة فتاكة إلى دولة ثالثة. 

وحتى الآن، التزمت الكتلة الأوروبية بمبلغ 11 مليارًا و100 مليون يورو من تمويل صندوق برنامج الطوارئ للدعم العسكرى لأوكرانيا، بما فى ذلك 5 مليارات يورو لصندوق مساعدة «أوكرانيا» المخصص، الذى تم الاتفاق عليه فى مارس 2024، بعد أن استغرق التوصل إلى اتفاق بشأن هذا الصندوق عدة أشهر، وسط خلافات حول حجم الصندوق، وكيفية عمله.

من جانبه، أوضح موقع أبحاث «ستاتيستا» أنه فى الفترة (من 24 يناير 2022، إلى 15 يناير 2024)، قدمت مؤسّسات «الاتحاد الأوروبى»، مثل: المفوضية الأوروبية، ومجلس الاتحاد الأوروبى، نحو 85 مليار يورو فى شكل مساعدات مالية، وإنسانية، وعسكرية ثنائية لأوكرانيا. 

 فشل التقدم الأوكرانى

كانت ضربة موجعة للغرب عندما فشل الهجوم الأوكرانى المضاد فى تحقيق أهدافه، رغم كل هذا الدعم غير المسبوق بالسلاح والعتاد ومليارات الدولارات واليوروهات، إذ اشتكى مستشار رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية «ميخائيل بودولياك» فى فبراير الماضى، من الأثر السلبى لفشل الهجوم المضاد.. مشيرًا إلى وجود أخطاء تكتيكية ارتكبتها القوات الأوكرانية، فضلًا عن نقص فى الأسلحة.

وذلك؛ بعد أن قال الرئيس الأوكرانى «فلاديمير زيلينسكى» إن أحد أسباب فشل الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية، هو انعدام القدرة على التحكم فى الأجواء.. مؤكدًا عدم وجود ما يكفى من الأسلحة المناسبة!! من جانبها؛ ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن فشل الهجوم المضاد، أدى إلى إضعاف الثقة لدى الأوكرانيين فى قدرتهم على استعادة الأراضى التى فقدوا السيطرة عليها.. موضحة أنه إلى جانب شح الذخيرة، يعد نقص الجنود فى الجيش الأوكرانى أكبر مشكلة تواجهها «كييف».

بدورها؛ قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن القوات الأوكرانية تعانى من نقص حاد فى قذائف المدفعية على خط المواجهة، ما يثير المخاوف حول تحمل قوات «كييف» الصمود فى مواقعها.  وبالفعل؛ تتكبد القوات الأوكرانيةـ يوميًا- خسائر فادحة، فيما تعزز القوات الروسية مواقعها وتحصن خطوط دفاعاتها على مختلف الجبهات؛ ما اعتبر على نطاق واسع ضربة لصورة الغرب، الذى لا يزال يواصلـ إمّا بدافع القلق أو المكابرة- دعم أوكرانيا.

فى النهاية؛ يبدو أن هذا الكم غير المسبوق من المساعدات الغربية الذى انهمر على «أوكرانيا» لصد «روسيا» لم يؤت بثماره المرغوبة، ما أدى إلى تفاقم الأزمات أمام الغرب الذى تختلف فيه آراء الدول حول طبيعة وإمكانية وحجم هذا الدعم- وإن أظهروا عكس ذلك- حيث يثبت عدم اتفاقهم فى اجتماعات عديدة، وعدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم حجم الأزمة، فى ظل تصاعد حجم المشكلات الاقتصادية الداخلية التى يواجهونها جراء ارتفاع الأسعار، ما يثقل كاهل الحكومات.